الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غلل ]

                                                          غلل : الغل والغلة والغلل والغليل ، كله : شدة العطش وحرارته ، قل أو كثر ؛ رجل مغلول وغليل ومغتل بين الغلة . وبعير غال وغلان ، بالفتح : عطشان شديد العطش . غل يغل غللا ، فهو مغلول ، على ما لم يسم فاعله . ابن سيده : غل يغل غلة واغتل ، وربما سميت حرارة الحزن والحب غليلا . وأغل إبله : أساء سقيها فصدرت ولم ترو . وغل البعير أيضا يغل غلة إذا لم يقض ريه . أبو عبيد عن أبي زيد : أعللت الإبل إذا أصدرتها ولم تروها فهي عالة ، بالعين غير معجمة ؛ قال أبو منصور : هذا تصحيف والصواب أغللت الإبل إذا أصدرتها ولم تروها ، بالغين ، من الغلة وهي حرارة العطش ، وهي إبل غالة ؛ وقال نصر الرازي : إذا صدرت الإبل عطاشا قلت صدرت غالة وغوال ، وقد أغللتها أنت إغلالا إذا أسأت سقيها فأصدرتها ولم تروها وصدرت غوال ، الواحدة غالة ؛ وكأن الراوي عن أبي عبيد غلط في روايته . والغليل : حر الجوف لوحا وامتعاضا . والغل ، بالكسر ، والغليل : الغش والعداوة والضغن والحقد والحسد . وفي التنزيل العزيز : ونزعنا ما في صدورهم من غل قال الزجاج : حقيقته ، والله أعلم ، أنه لا يحسد بعض أهل الجنة بعضا في علو المرتبة لأن الحسد غل وهو أيضا كدر ، والجنة مبرأة من ذلك ، غل صدره يغل ، بالكسر ، غلا إذا كان ذا غش أو ضغن وحقد . ورجل مغل : مضب على حقد وغل . وغل يغل غلولا وأغل : خان ؛ قال النمر :


                                                          جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل جزاء مغل بالأمانة كاذب



                                                          وخص بعضهم به الخون في الفيء والمغنم . وأغله : خونه وفي التنزيل العزيز : وما كان لنبي أن يغل قال ابن السكيت : لم نسمع في المغنم إلا غل غلولا ، وقرئ : وما كان لنبي أن يغل فمن قرأ يغل فمعناه يخون ، ومن قرأ يغل ، فهو يحتمل معنيين : أحدهما يخان ؛ يعني أن يؤخذ من غنيمته ، والآخر يخون أي ينسب إلى الغلول ، وهي قراءة أصحاب عبد الله يريدون يسرق ؛ قال أبو العباس : جعل يغل بمعنى يغلل ، قال : وكلام العرب على غير ذلك في فعلت وأفعلت ، وأفعلت أدخلت ذلك فيه ، وفعلت كثرت ذلك فيه ؛ وقال الفراء : جائز أن يكون يغل من أغللت بمعنى يغلل أي يخون كقوله تعالى : فإنهم لا يكذبونك وقال الزجاج : قرئا جميعا أن يغل وأن يغل ، فمن قال أن يغل فالمعنى ما كان لنبي أن يخون أمته ، وتفسير ذلك أن الغنائم جمعها سيدنا رسول الله في غزاة فجاءه جماعة من المسلمين ، فقالوا : لا تقسم غنائمنا ، فقال النبي : لو أفاء الله علي مثل أحد ذهبا ما منعتكم درهما ، أترونني أغلكم مغنمكم ؟ قال : ومن قرأ أن يغل فهو جائز على ضربين : أحدهما ما كان لنبي أن يغله أصحابه أي يخونوه ، وجاء عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : لأعرفن أحدكم يجيء يوم القيامة ومعه شاة قد غلها ، لها ثغاء ، ثم قال أدوا الخياط والمخيط ، والوجه الثاني أن يكون يغل يخون ، وكان أبو عمرو بن العلاء ويونس يختاران : وما كان لنبي أن يغل قال يونس : كيف لا يغل ؟ بلى ويقتل ؛ وقال أبو عبيد : الغلول من المغنم خاصة ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد ، ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغل يغل ، ومن الحقد غل يغل ، بالكسر ، ومن الغلول ، غل يغل ، بالضم ؛ قال ابن بري : قل أن نجد في كلام العرب ما كان لفلان أن يضرب على أن يكون الفعل مبنيا للمفعول ، وإنما نجده مبنيا للفاعل ، كقولك ما كان لمؤمن أن يكذب ، وما كان لنبي أن يخون ، وما كان لمحرم أن يلبس ، قال : وبهذا تعلم صحة قراءة من قرأ : وما كان لنبي أن يغل على إسناد الفعل للفاعل دون المفعول ؛ قال : والشاهد على قوله يقال من الخيانة أغل يغل قول الشاعر :


                                                          حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن     للغدر خائنة مغل الإصبع



                                                          وفي الحديث : أنه ، صلى الله عليه وسلم ، أملى في صلح الحديبية : أن لا إغلال ولا إسلال ؛ قال أبو عبيد : الإغلال الخيانة والإسلال السرقة ، وقيل : الإغلال السرقة أي لا خيانة ولا سرقة ، ويقال : لا رشوة . قال ابن الأثير : وقد تكرر ذكر الغلول في الحديث ، وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة ؛ وكل من خان في شيء خفية فقد غل ، وسميت غلولا لأن الأيدي فيها مغلولة أي ممنوعة مجعول فيها غل ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ، ويقال لها جامعة أيضا ؛ [ ص: 75 ] وأحاديث الغلول في الغنيمة كثيرة . أبو عبيدة : رجل مغل مسل أي صاحب خيانة وسلة ؛ ومنه قول شريح : ليس على المستعير غير المغل ولا على المستودع غير المغل ضمان إذا لم يخن في العارية والوديعة فلا ضمان عليه ، من الإغلال الخيانة ؛ يعني الخائن ، وقيل : المغل هاهنا المستغل وأراد به القابض لأنه بالقبض يكون مستغلا ، قال ابن الأثير : والأول الوجه ، وقيل : الإغلال الخيانة والسرقة الخفية ، والإسلال من سل البعير وغيره في جوف الليل إذا انتزعه من الإبل وهي السلة ، وقيل : هو الغارة الظاهرة ، ويقال : غل يغل وسل يسل ، فأما أغل وأسل فمعناه صار ذا غلول وسلة ، ويكون أيضا أن يعين غيره عليهما ، وقيل : الإغلال لبس الدروع ، والإسلال سل السيوف ؛ وقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ذوي الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ؛ قيل : معنى قوله لا يغل عليهن قلب مؤمن أي لا يكون معها في قلبه غش ودغل ونفاق ولكن يكون معها الإخلاص في ذات الله عز وجل ، وروي : لا يغل ولا يغل ، فمن قال يغل ، بالفتح للياء وكسر الغين ، فإنه يجعل ذلك من الضغن والغل وهو الضغن والشحناء أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق ، ومن قال يغل ، بضم الياء ، جعله من الخيانة ، وأما غل يغل غلولا فإنه الخيانة في المغنم خاصة ، والإغلال : الخيانة في المغانم وغيرها . ويقال من الغل : غل يغل ، ومن الغلول : غل يغل . وقال الزجاج : غل الرجل يغل إذا خان لأنه أخذ شيء في خفاء ، وكل من خان في شيء في خفاء فقد غل يغل غلولا ، وكل ما كان في هذا الباب راجع إلى هذا من ذلك الغال ، وهو الوادي المطمئن الكثير الشجر ، وجمعه غلان ، ومن ذلك الغل ، وهو الحقد الكامن ، وقال ابن الأثير في تفسير لا يغل عليهن قلب مؤمن ، قال : ويروى يغل ، بالتخفيف ، من الوغول الدخول في الشيء ، قال : والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب ، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدغل والخيانة والشر ، قال : وعليهن في موضع الحال تقديره لا يغل كائنا عليهن . وفي حديث أبي ذر : غللتم والله أي خنتم في القول والعمل ولم تصدقوه . ابن الأعرابي في النوادر : غل بصر فلان حاد عن الصواب من غل يغل ، وهو معنى قوله ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مؤمن أي لا يحيد عن الصواب غاشا . وأغل الخطيب إذا لم يصب في كلامه ؛ قال أبو وجزة :


                                                          خطباء لا خرق ولا غلل إذا     خطباء غيرهم أغل شرارها



                                                          وأغل في الجلد : أخذ بعض اللحم والإهاب . يقال : أغللت الجلد إذا سلخته وأبقيت فيه شيئا من الشحم ، وأغللت في الإهاب سلخته فتركت على الجلد اللحم . والغلل : اللحم الذي ترك على الإهاب حين سلخ . وأغل الجازر في الإهاب إذا سلخ فترك من اللحم ملتزقا بالإهاب . والغلل : داء في الإحليل مثل الرفق ، وذلك أن لا ينفض الحالب الضرع فيترك فيه شيئا من اللبن فيعود دما أو خرطا . وغل في الشيء يغل غلولا وانغل وتغلل وتغلغل : دخل فيه ، يكون ذلك في الجواهر والأعراض ؛ قال ذو الرمة يصف الثور والكناس :


                                                          يحفره عن كل ساق دقيقة     وعن كل عرق في الثرى متغلغل



                                                          وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود في العرض رواه ثعلب عن شيوخه :


                                                          تغلغل حب عثمة في فؤادي     فباديه مع الخافي يسير



                                                          وغله يغله غلا : أدخله ؛ قال ذو الرمة :


                                                          غللت المهارى بينها كل ليلة     وبين الدجى حتى أراها تمزق



                                                          وغله فانغل أي أدخله فدخل ؛ قال بعض العرب : ومنها ما يغل ؛ يعني من الكباش أي يدخل قضيبه من غير أن يرفع الألية . وغل أيضا : دخل ، يتعدى ولا يتعدى . ويقال : غل فلان المفاوز أي دخلها وتوسطها . وغلغله : كغله . والغلة : ما تواريت فيه ؛ عن ابن الأعرابي . والغلغلة : كالغرغرة في معنى الكسر . والغلل : الماء الذي يتغلل بين الشجر ، والجمع الأغلال ، قال دكين :


                                                          ينجيه من مثل حمام الأغلال     وقع يد عجلى ورجل شملال
                                                          ظمأى النسا من تحت ريا من عال



                                                          يقول : ينجي هذا الفرس من سراع في الغارة كالحمام الواردة ؛ وفي التهذيب قال : أراد ينجي هذا الفرس من خيل مثل حمام يرد غللا من الماء وهو ما يجري في أصول الشجر ، وقيل : الغلل الماء الظاهر الجاري ، وقيل : هو الظاهر على وجه الأرض ظهورا قليلا وليس له جرية فيخفى مرة ويظهر مرة ، وقيل : الغلل الماء الذي يجري بين الشجر ، قال الحويدرة :


                                                          لعب السيول به فأصبح ماؤه     غللا يقطع في أصول الخروع



                                                          وقال أبو حنيفة : الغلل السيل الضعيف يسيل من بطن الوادي أو التلع في الشجر وهو في بطن الوادي ، وقيل : أن يأتي الشجر غلل من قبل ضعفه واتباعه كل ما تواطأ من بطن الوادي فلا يكاد يرى ولا يتبع إلا الوطاء . وغل الماء بين الأشجار إذا جرى فيها يغل ، بالضم ، في جميع ذلك . وتغلغل الماء في الشجر : تخللها . وقال أبو سعيد : لا يذهب كلامنا غللا أي لا ينبغي أن ينطوي عن الناس بل يجب أن يظهر . ويقال لعرق الشجر إذا أمعن في الأرض غلغل ، وجمعه غلاغل ؛ قال كعب :


                                                          وتفتر عن غر الثنايا كأنها     أقاحي تروى عن عروق غلاغل



                                                          والغلالة : شعار يلبس تحت الثوب لأنه يتغلل فيها أي يدخل . وفي التهذيب : الغلالة الثوب الذي يلبس تحت الثياب أو تحت درع الحديد . واغتللت الثوب : لبسته تحت الثياب ، ومنه الغلل الماء الذي يجري في أصول الشجر . وغلل الغلالة : لبسها تحت ثيابه ؛ هذه عن ابن الأعرابي . والغلة : الغلالة ، وقيل هي كالغلالة تغل تحت الدرع [ ص: 76 ] أي تدخل . والغلائل : الدروع ، وقيل : بطائن تلبس تحت الدروع ، وقيل : هي مسامير الدروع التي تجمع بين رءوس الحلق لأنها تغل فيها أي تدخل ، واحدتها غليلة ؛ وقول النابغة :


                                                          علين بكديون وأبطن كرة     فهن وضاء صافيات الغلائل



                                                          خص الغلائل بالصفاء لأنها آخر ما يصدأ من الدروع ، ومن جعلها البطائن جعل الدروع نقية لم يصدئن الغلائل . وغلائل الدروع : مساميرها المدخلة فيها ، الواحد غليل ؛ قال لبيد :


                                                          وأحكم أضغان القتير الغلائل

                                                          وقال ابن السكيت في قوله :


                                                          فهن وضاء صافيات الغلائل

                                                          قال : الغلالة المسمار الذي يجمع بين رأسي الحلقة ، وإنما وصف الغلائل بالصفاء لأنها أسرع شيء صدأ من الدروع . ابن الأعرابي : العظمة والغلالة والرفاعة والأضخومة والحشية الثوب الذي تشده المرأة على عجيزتها تحت إزارها تضخم به عجيزتها ؛ وأنشد :


                                                          تغتال عرض النقبة المذاله     ولم تنطقها على غلاله
                                                          إلا لحسن الخلق والنباله

                                                          قال ابن بري : وكذلك الغلة ، وجمعها غلل ، ؛ قال الشاعر :


                                                          كفاها الشباب وتقويمه     وحسن الرواء ولبس الغلل



                                                          وغل الدهن في رأسه : أدخله في أصول الشعر . وغل شعره بالطيب : أدخله فيه . وتغلل بالغالية ، شدد للكثرة ، واغتل وتغلغل : تغلف ؛ أبو صخر :


                                                          سراج الدجى تغتل بالمسك طفلة     فلا هي متفال ولا اللون أكهب



                                                          وغلله بها . وحكى اللحياني : تغلى بالغالية ، فإما أن يكون من لفظ الغالية ، وإما أن يكون أراد تغلل فأبدل من اللام الأخيرة ياء ، كما قالوا تظنيت ، في تظننت قال : والأول أقيس . غيره : ويقال تغليت من الغالية ، وقال الفراء : يقال تغللت بالغالية قال : وكل شيء ألصقته بجلدك وأصول شعرك فقد تغللته ، قال : وتغليت مولدة . وقال أبو نصر : سألت الأصمعي هل يجوز تغللت من الغالية ؟ فقال : إن أردت أنك أدخلته في لحيتك أو شاربك فجائز . الليث : ويقال من الغالية غللت وغلفت وغليت . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : كنت أغلل لحية رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالغالية أي ألطخها وألبسها بها ؛ قال ابن الأثير : قال الفراء يقال تغللت بالغالية ولا يقال تغليت ، قال : وأجازه الجوهري . وفي حديث المخنث هيت قال : إذا قامت تثنت وإذا تكلمت تغنت ، فقال له : قد تغلغلت يا عدو الله ! الغلغلة : إدخال الشيء في الشيء حتى يلتبس به ويصير من جملته أي بلغت بنظرك من محاسن هذه المرأة حيث لا يبلغ ناظر ولا يصل واصل ولا يصف واصف . وغل المرأة : حشاها ، ولا يكون إلا من ضخم ؛ حكاه ابن الأعرابي . السلمي : غش له الخنجر والسنان وغله له أي دسه له وهو لا يشعر به . والغلان ، بالضم : منابت الطلح ، وهي أودية غامضة في الأرض ذات شجر ، واحدها غال وغليل . وأغل الوادي إذا أنبت الغلان ؛ قال أبو حنيفة : هو بطن غامض في الأرض ، وقد انغل . والغال : أرض مطمئنة ذات شجر . ومنابت السلم والطلح يقال لها غال من سلم ، كما يقال عيص من سدر وقصيمة من غضا . والغال : نبت ، والجمع غلان ، بالضم ؛ وأنشد ابن بري لذي الرمة :


                                                          وأظهر في غلان رقد وسيله     علاجيم لا ضحل ولا متضحضح

                                                          أظهر صار في وقت الظهيرة ، وقيل : إنه بمعنى ظهر مثل تبع وأتبع ؛ وقال مضرس الأسدي :


                                                          تعرض حوراء المدافع ترتعي     تلاعا وغلانا سوائل من رمم



                                                          الغلان : بطون الأودية ، ورمم : موضع . والغالة : ما ينقطع من ساحل البحر فيجتمع في موضع . والغل : جامعة توضع في العنق أو اليد ، والجمع أغلال لا يكسر على غير ذلك ؛ ويقال : في رقبته غل من حديد ، وقد غل بالغل الجامعة يغل بها ، فهو مغلول . وقوله عز وجل في صفة سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم قال الزجاج : كان عليهم أنه من قتل قتل لا يقبل في ذلك دية ، وكان عليهم إذا أصاب جلودهم شيء من البول أن يقرضوه ، وكان عليهم أن لا يعملوا في السبت ، هذه الأغلال التي كانت عليهم ، وهذا على المثل كما تقول جعلت هذا طوقا في عنقك وليس هناك طوق ، وتأويله وليتك هذا وألزمتك القيام به فجعلت لزومه لك كالطوق في عنقك . وقوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم أراد بالأغلال الأعمال التي هي كالأغلال ، وهي أيضا مؤدية إلى كون الأغلال في أعناقهم يوم القيامة ، لأن قولك للرجل هذا غل في عنقك للشيء يعمله إنما معناه أنه لازم لك وأنك مجازى عليه بالعذاب ، وقد غله يغله . وقوله تعالى وتقدس : إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا هي الجوامع تجمع أيديهم إلى أعناقهم . وغلت يده إلى عنقه ، وقد غل فهو مغلول . وفي حديث الإمارة : فكه عدله وغله جوره أي جعل في يده وعنقه الغل ، وهو القيد المختص بهما . وقوله تعالى : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم قيل : ممنوعة عن الإنفاق . وقيل : أرادوا نعمته مقبوضة عنا ، وقيل : معناه يده مقبوضة عن عذابنا ، وقيل : يد الله ممسكة عن الاتساع علينا . وقوله تعالى : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك تأويله لا تمسكها عن الإنفاق ، وقد غله يغله . وقولهم في المرأة السيئة الخلق : غل قمل : أصله أن العرب كانوا إذا أسروا أسيرا غلوه بغل من قد وعليه شعر ، فربما قمل في عنقه إذا قب ويبس فتجتمع عليه محنتان الغل والقمل ، ضربه مثلا للمرأة السيئة الخلق الكثيرة المهر لا يجد بعلها منها مخلصا ، والعرب تكني عن المرأة بالغل . وفي الحديث : وإن من النساء غلا قملا يقذفه الله في عنق من يشاء ثم لا يخرجه إلا هو . ابن السكيت : به غل من العطش وفي رقبته غل من حديد وفي صدره غل . وقولها : ما له أل وغل ؛ أل : دفع في قضاء ، وغل جن فوضع في عنقه الغل . والغلة : [ ص: 77 ] الدخل من كراء دار وأجر غلام وفائدة أرض . والغلة : واحدة الغلات . واستغل عبده أي كلفه أن يغل عليه . واستغلال المستغلات : أخذ غلتها . وأغلت الضيعة : أعطت الغلة ، فهي مغلة إذا أتت بشيء وأصلها باق ؛ قال زهير :


                                                          فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها     قرى بالعراق من قفيز ودرهم



                                                          وأغلت الضياع أيضا : من الغلة ؛ قال الراجز :


                                                          أقبل سيل جاء من عند الله     يحرد حرد الجنة المغله

                                                          وأغل القوم إذا بلغت غلتهم . وفي الحديث : الغلة بالضمان ؛ قال ابن الأثير : هو كحديثه الآخر : الخراج بالضمان . والغلة : الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك . وفلان يغل على عياله أي يأتيهم بالغلة . ويقال : نعم الغلول شراب شربته أو طعام إذا وافقني . ويقال : اغتللت الشراب شربته ، وأنا مغتل إليه أي مشتاق إليه . ونعم غلول الشيخ هذا الطعام ؛ يعني التغذية التي تغذاها ، أو الطعام الذي يدخله جوفه ، على فعول ، بفتح الفاء . وغل بصره : حاد عن الصواب . وأغل بصره إذا شدد نظره . والغلة : خرقة تشد على رأس الإبريق ؛ عن ابن الأعرابي ، والجمع غلل . والغلل : المصفاة ؛ وقول لبيد :


                                                          لها غلل من رازقي وكرسف     بأيمان عجم ينصفون المقاولا



                                                          يعني الفدام الذي على رأس الأباريق ، وبعضهم يرويه غلل ، بالضم ، جمع غلة . والغليل : القت والنوى والعجين تعلفه الدواب . والغليل : النوى يخلط بالقت تعلفه الناقة ؛ قال علقمة :


                                                          سلاءة كعصا النهدي غل لها     ذو فيئة من نوى قران معجوم

                                                          ويروى :


                                                          سلاءة كعصا النهدي غل لها     منظم من نوى قران معجوم



                                                          قوله : ذو فيئة أي ذو رجعة ، يريد أن النوى علفته الإبل ثم بعرته فهو أصلب ، شبه نسورها واملاسها بالنوى الذي بعرته الإبل ، والنهدي : الشيخ المسن فعصاه ملساء ، ومعجوم : معضوض أي عضته الناقة فرمته لصلابته . والغلغلة : سرعة السير ، وقد تغلغل . ويقال : تغلغلوا فمضوا . والمغلغلة : الرسالة . ورسالة مغلغلة : محمولة من بلد إلى بلد ؛ وأنشد ابن بري :


                                                          أبلغ أبا مالك عني مغلغلة     وفي العتاب حياة بين أقوام



                                                          وفي حديث ابن ذي يزن :


                                                          مغلغلة مغالقها تغالي     إلى صنعاء من فج عميق



                                                          المغلغلة ، بفتح الغينين : الرسالة المحمولة من بلد إلى بلد ، وبكسر الغين الثانية : المسرعة ، من الغلغلة سرعة السير . وغلغلة : موضع ؛ قال :

                                                          هنالك لا أخشى تنال مقادتي إذا حل بيتي بين شوط وغلغله

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية