الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غمد ]

                                                          غمد : الغمد : جفن السيف ، وجمعه أغماد وغمود وهو الغمدان ؛ قال ابن دريد : ليس بثبت . غمد السيف يغمده غمدا وأغمده : أدخله في غمده ، فهو مغمد ومغمود . قال أبو عبيد في باب فعلت وأفعلت : غمدت السيف وأغمدته بمعنى واحد وهما لغتان فصيحتان . وغمد العرفط غمودا إذا استوفرت خصلته ورقا حتى لا يرى شوكها كأنه قد أغمد . وتغمده الله برحمته : غمده فيها وغمره بها . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ما أحد يدخل الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته . قال أبو عبيد : قوله يتغمدني يلبسني ويتغشاني ويسترني بها ؛ قال العجاج :


                                                          يغمد الأعداء جونا مردسا



                                                          قال : يعني أنه يلقي نفسه عليهم ويركبهم ويغشيهم ، قال : ولا أحسب هذا مأخوذا إلا من غمد السيف وهو غلافه لأنك إذا أغمدته فقد ألبسته إياه وغشيته به . وقال الأخفش : أغمدت الحلس إغمادا ، وهو أن تجعله تحت الرحل تقي به البعير من عقر الرحل ؛ وأنشد :


                                                          ووضع سقاء وإخفائه     وحل حلوس وإغمادها



                                                          وتغمدت فلانا : سترت ما كان منه وغطيته . وتغمد الرجل وغمده إذا أخذه بختل حتى يغطيه ؛ قال العجاج :


                                                          يغمد الأعداء جونا مردسا



                                                          قال : وكله من الأول . وغمدت الركية تغمد غمودا : ذهب ماؤها . وغامد : حي من اليمن ، قال :


                                                          ألا هل أتاها على نأيها     بما فضحت قومها غامد ؟



                                                          حمله على القبيلة ، وقد اختلف في اشتقاقه فقال ابن الكلبي : سمي غامدا لأنه تغمد أمرا كان بينه وبين عشيرته فستره فسماه ملك من ملوك حمير غامدا ؛ وأنشد لغامد :


                                                          تغمدت أمرا كان بين عشيرتي     فسماني القيل الحضوري غامدا



                                                          والحضور : قبيلة من حمير ؛ وقيل : هو من غمود البئر . قال الأصمعي : ليس اشتقاق غامد مما قال ابن الكلبي إنما هو من قولهم غمدت البئر غمدا إذا كثر ماؤها . وقال أبو عبيدة : غمدت البئر إذا قل ماؤها . وقال ابن الأعرابي : القبيلة غامدة بالهاء ؛ وأنشد :


                                                          ألا هل أتاها على نأيها     بما فضحت قومها غامده ؟



                                                          ويقال للسفينة إذا كانت مشحونة : غامد وآمد ، ويقال : غامدة وآمدة ؛ قال : والخن الفارغة من السفن وكذلك الحفانة . وغمدان : حصن في رأس جبل بناحية صنعاء ؛ وفيه يقول :


                                                          في رأس غمدان دارا منك محلالا



                                                          وغمدان : قبة سيف بن ذي يزن ، وقيل : قصر معروف ب اليمن . وغمدان : موضع . والغماد وبرك الغماد : موضع . قال ابن بري : أهمل الجوهري في هذا الفصل ذكر الغماد مع شهرته وهو موضع ب اليمن ، وقد اختلف فيه في ضم الغين وكسرها فرواه قوم ، بالضم ، وآخرون بالكسر ؛ قال ابن خالويه : حضرت مجلس أبي عبد الله محمد بن إسماعيل القاضي المحاملي وفيه زهاء ألف ، فأمل عليهم أن الأنصار قالوا للنبي ، صلى الله عليه وسلم : والله ما نقول لك ما قال قوم موسى لموسى : فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون بل نفديك بآبائنا وأبنائنا ، ولو دعوتنا إلى برك الغماد ، بكسر الغين ، فقلت للمستملي : قال النحوي : الغماد ، بالضم ، أيها القاضي ، قال : وما برك الغماد ؟ قال : سألت ابن دريد عنه فقال هو بقعة في جهنم ، فقال القاضي : وكذا في كتابي على الغين ضمة ؛ قال ابن خالويه : وأنشدني ابن دريد لنفسه :


                                                          وإذا تنكرت البلاد فأولها كنف البعاد     لست ابن أم القاطنين ولا ابن عم للبلاد
                                                          [ ص: 81 ] واجعل مقامك أو مقرك جانبي برك الغماد



                                                          قال ابن خالويه : وسألت أبا عمر عن ذلك ، فقال : يروى برك الغماد ، بالكسر ، والغماد ، بالضم ، والغمار بالراء ، مكسورة الغين . وقد قيل : إن الغماد موضع ب اليمن ، وهو برهوت ، وهو الذي جاء في الحديث : أن أرواح الكافرين تكون فيه . وورد في الحديث ذكر غمدان ، بضم الغين وسكون الميم : البناء العظيم بناحية صنعاء اليمن ؛ قيل : هو من بناء سليمان ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، له ذكر في حديث سيف بن ذي يزن . واغتمد فلان الليل : دخل فيه كأنه صار كالغمد له كما يقال : ادرع الليل ؛ وينشد :


                                                          ليس لولدانك ليل فاغتمد



                                                          أي اركب الليل واطلب لهم القوت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية