الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أنه يبدأ بمؤخر الرأس

                                                                                                          33 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما قال أبو عيسى هذا حديث حسن وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسنادا وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا الحديث منهم وكيع بن الجراح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا بشر بن المفضل ) ابن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري ، ثقة ثبت عابد ، قال أحمد : إليه المنتهى في التثبت في البصرة . وقال ابن المديني : كان يصلي كل يوم أربعمائة ركعة ويصوم يوما ويفطر يوما . توفي سنة 187 سبع وثمانين ومائة .

                                                                                                          ( عن عبد الله بن محمد بن عقيل ) متكلم فيه تقدم ترجمته في باب مفتاح الصلاة الطهور ( عن الربيع ) بضم الراء وفتح الموحدة وكسر التحتانية المشددة أنصارية نجارية من المبايعات تحت الشجرة ، ( بنت معوذ ) بضم الميم وفتح العين وكسر الواو المشددة ( بن عفراء ) بسكون [ ص: 112 ] العين المهملة وسكون الفاء والمد ( مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه ) الظاهر أن قوله بدأ بمؤخر رأسه بيان لقوله مرتين فليستا بمسحتين ، والحديث يدل على البداءة بمؤخر الرأس وهو مذهب بعض أهل الكوفة كما حكى الترمذي . وأجاب ابن العربي عنه : بأنه تحريف من الراوي بسبب فهمه فإنه فهم من قوله فأقبل بهما وأدبر أنه يقتضي الابتداء بمؤخر الرأس فصرح بما فهم منه وهو مخطئ في فهمه . وأجاب غيره بأنه عارض ما هو أصح منه وهو حديث عبد الله بن زيد . وبأنه فعل لبيان الجواز .

                                                                                                          وقال الشوكاني : قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي : هذه الرواية محمولة على الرواية بالمعنى عند من يسمي الفعل بما ينتهي إليه ، كأنه حمل قوله : ما أقبل وما أدبر على الابتداء بمؤخر الرأس ، فأداها بمعناها عنده وإن لم يكن كذلك ، قال : ذكر معناه ابن العربي ، ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا لبيان الجواز مرة وكانت مواظبته على البداءة بمقدم الرأس ، وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل ، والبداءة بمؤخر الرأس محكية عن الحسن بن حي ووكيع بن الجراح ، قال أبو عمر بن عبد البر : قد توهم بعض الناس في حديث ابن عبد الله بن زيد في قوله ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر أنه بدأ بمؤخر رأسه وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيده وأدبر وهذه ظنون لا تصح ، وقد روي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ولا يصح ، وأصح حديث في الباب حديث عبد الله بن زيد ، والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) حديث ربيع بنت معوذ هذا له روايات وألفاظ ومدار الكل على عبد الله بن محمد بن عقيل ، وفيه مقال مشهور لا سيما إذا عنعن وقد فعل ذلك في جميعها قاله الشوكاني ، قلت عبد الله بن محمد بن عقيل مدلس كما صرح به الحافظ في طبقات المدلسين ولذا قال الشوكاني لا سيما إذا عنعن .

                                                                                                          ( وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود ) لأن حديث عبد الله بن زيد متفق عليه ، وأما حديث ربيع بنت معوذ هذا فقد عرفت حاله ( وقد ذهب بعض [ ص: 113 ] أهل الكوفة إلى هذا الحديث ) وهو مذهب مرجوح ، والمذهب الراجح المعول عليه هو البداءة بمقدم الرأس .




                                                                                                          الخدمات العلمية