الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غوط ]

                                                          غوط : الغوط : الثريدة . والتغويط : اللقم منها ، وقيل : التغويط عظم اللقم . وغاط يغوط غوطا : حفر ، وغاط الرجل في الطين . ويقال : اغوط بئرك أي أبعد قعرها ، وهي بئر غويطة : بعيدة القعر . والغوط والغائط : المتسع من الأرض مع طمأنينة ، وجمعه أغواط وغوط وغياط وغيطات ، صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، قال المتنخل الهذلي :


                                                          وخرق تحشر الركبان فيه بعيد الجوف أغبر ذي غياط



                                                          وقال :


                                                          وخرق تحدث غيطانه     حديث العذارى بأسرارها



                                                          إنما أراد تحدث الجن فيها أي تحدث جن غيطانه كقول الآخر :


                                                          تسمع للجن به زيزيزما     هتاملا من رزها وهينما

                                                          قال ابن بري : أغواط جمع غوط ، بالفتح ، لغة في الغائط ، وغيطان جمع له أيضا مثل ثور وثيران ، وجمع غائط أيضا مثل جان وجنان وأما غائط وغوط فهو مثل شارف وشرف ؛ وشاهد الغوط بفتح الغين قول الشاعر :


                                                          وما بينها والأرض غوط نفانف



                                                          ويروى : غول ، وهو بمعنى البعد . ابن شميل : يقال للأرض الواسعة الدعوة : غائط لأنه غاط في الأرض أي دخل فيها وليس بالشديد التصوب ولبعضها أسناد ، وفي قصة نوح ، على سيدنا محمد وعليه الصلاة والسلام : وانسدت ينابيع الغوط الأكبر وأبواب السماء ؛ الغوط : عمق الأرض الأبعد ومنه قيل للمطمئن من الأرض غائط ، ولموضع قضاء الحاجة غائط ، لأن العادة أن يقضي في المنخفض من الأرض حيث هو أستر له ثم اتسع فيه حتى صار يطلق على النجو نفسه . قال أبو حنيفة : من بواطن الأرض المنبتة الغيطان الواحد منها غائط ، وكل ما انحدر في الأرض فقد غاط ، قال : وقد زعموا أن الغائط ربما كان فرسخا وكانت به الرياض . ويقال : أتى فلان الغائط ، والغائط المطمئن من الأرض الواسع . وفي الحديث : تنزل أمتي بغائط يسمونه البصرة أي بطن مطمئن من الأرض . والتغويط : كناية عن الحدث . والغائط : اسم العذرة نفسها لأنهم كانوا يلقونها بالغيطان ، وقيل : لأنهم كانوا إذا أرادوا ذلك أتوا الغائط وقضوا الحاجة ، فقيل لكل من قضى حاجته : قد أتى الغائط ، يكنى به عن العذرة . وفي التنزيل العزيز : أو جاء أحد منكم من الغائط وكان الرجل إذا أراد التبرز ارتاد غائطا من الأرض يغيب فيه عن أعين [ ص: 101 ] الناس ، ثم قيل للبراز نفسه ، وهو الحدث : غائط كناية عنه ، إذ كان سببا له . وتغوط الرجل : كناية عن الخراءة إذا أحدث ، فهو متغوط . ابن جني : ومن الشاذ قراءة من قرأ : ( أو جاء أحد منكم من الغيط ) يجوز أن يكون أصله غيطا وأصله غيوط فخفف ؛ قالأبو الحسن : ويجوز أن يكون الياء واوا للمعاقبة . ويقال : ضرب فلان الغائط إذا تبرز . وفي الحديث : لا يذهب الرجلان يضربان الغائط يتحدثان ، أي يقضيان الحاجة وهما يتحدثان ؛ وقد تكرر ذكر الغائط في الحديث بمعنى الحدث والمكان . والغوط أغمض من الغائط وأبعد . وفي الحديث : أن رجلا جاءه فقال : يا رسول الله : قل لأهل الغائط يحسنوا مخالطتي ؛ أراد أهل الوادي الذي ينزله . وغاطت أنساع الناقة تغوط غوطا : لزقت ببطنها فدخلت فيه ؛ قال قيس بن عاصم :


                                                          ستخطم سعد والرباب أنوفكم     كما غاط في أنف القضيب جريرها



                                                          ويقال : غاطت الأنساع في دف الناقة إذا تبينت آثارها فيه . وغاط في الشيء يغوط ويغيط : دخل فيه . يقال : هذا رمل تغوط فيه الأقدام . وغاط الرجل في الوادي يغوط إذا غاب فيه ؛ وقال الطرماح يذكر ثورا :


                                                          غاط حتى استثار من شيم     الأرض سفاه من دونها ثأده

                                                          وغاط فلان في الماء يغوط إذا انغمس فيه . وهما يتغاوطان في الماء أي يتغامسان ويتغاطان . الأصمعي : غاط في الأرض يغوط ويغيط بمعنى غاب . ابن الأعرابي : يقال غط غط إذا أمرته أن يكون مع الجماعة . يقال : ما في الغاط مثله أي في الجماعة . والغوطة : الوهدة في الأرض المطمئنة ، وذهب فلان يضرب الخلاء . وغوطة : موضع بالشام كثير الماء والشجر وهو غوطة دمشق ، وذكرها الليث معرفة بالألف واللام . والغوطة : مجتمع النبات والماء ، ومدينة دمشق تسمى غوطة ، قال : أراه لذلك . وفي الحديث : أن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق ؛ الغوطة : اسم البساتين والمياه التي حول دمشق ، صانها الله تعالى ، وهي غوطتها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية