الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غول ]

                                                          غول : غاله الشيء غولا واغتاله : أهلكه وأخذه من حيث لم يدر . والغول : المنية . واغتاله : قتله غيلة ، والأصل الواو . الأصمعي وغيره : قتل فلان فلانا غيلة أي في اغتيال وخفية ، وقيل : هو أن يخدع الإنسان حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله ؛ قال ذلك أبو عبيد . وقال ابن السكيت : يقال غاله يغوله إذا اغتاله ، وكل ما أهلك الإنسان فهو غول ، وقالوا : الغضب غول الحلم أي أنه يهلكه ويغتاله ويذهب به . ويقال : أية غول أغول من الغضب . وغالت فلانا غول أي هلكة ، وقيل : لم يدر أين صقع . ابن الأعرابي : وغال الشيء زيدا إذا ذهب به يغوله . والغول : كل شيء ذهب بالعقل . الليث : غاله الموت أي أهلكه ؛ وقول الشاعر أنشده أبو زيد :


                                                          غنينا وأغنانا غنانا وغالنا مآكل عما عندكم ومشارب



                                                          يقال : غالنا حبسنا . يقال : ما غالك عنا أي ما حبسك عنا . الأزهري : أبو عبيد الدواهي وهي الدغاول ، والغول الداهية . وأتى غولا غائلة أي أمرا منكرا داهيا . والغوائل : الدواهي . وغائلة الحوض : ما انخرق منه وانثقب فذهب بالماء ؛ قال الفرزدق :


                                                          يا قيس إنكم وجدتم حوضكم     غال القرى بمثلم مفجور

                                                          [ ص: 102 ] ذهبت غوائله بما أفرغتم برشاء ضيقة الفروع قصير

                                                          وتغول الأمر : تناكر وتشابه . والغول ، بالضم : السعلاة ، والجمع أغوال وغيلان . والتغول : التلون ، يقال : تغولت المرأة إذا تلونت ؛ قال ذو الرمة :


                                                          إذا ذات أهوال ثكول تغولت     بها الربد فوضى والنعام السوارح



                                                          وتغولت الغول : تخيلت وتلونت ؛ ؛ قال جرير :


                                                          فيوما يوافيني الهوى غير ماضي     ويوما ترى منهن غولا تغول



                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده سيبويه ، ويروى : فيوما يجاريني الهوى ، ويروى : يوافيني الهوى دون ماضي . وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول . وتغولتهم الغول : توهوا . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ، وإذا تغولت لكم الغيلان فبادروا بالأذان ولا تنزلوا على جواد الطريق ولا تصلوا عليها فإنها مأوى الحيات والسباع ، أي ادفعوا شرها بذكر الله ، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها ، وفي الحديث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لا عدوى ولا هامة ولا صفر ولا غول ؛ كانت العرب تقول إن الغيلان في الفلوات تراءى للناس ، فتغول تغولا أي تلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم ، وقال : هي من مردة الجن والشياطين ، وذكرها في أشعارهم فاش فأبطل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ما قالوا ؛ قال الأزهري : والعرب تسمي الحيات أغوالا ؛ قال ابن الأثير : قوله لا غول ولا صفر ، قال : الغول أحد الغيلان وهي جنس من الشياطين والجن ، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأبطله ؛ وقيل : قوله لا غول ليس نفيا لعين الغول ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعني بقوله لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحدا ، ويشهد له الحديث الآخر : لا غول ولكن السعالي ؛ السعالي : سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل . وفي حديث أبي أيوب : كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ . والغول : الحية ، والجمع أغوال ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          ومسنونة زرق كأنياب أغوال



                                                          قال أبو حاتم : يريد أن يكبر بذلك ويعظم ؛ ومنه قوله تعالى : كأنه رءوس الشياطين وقريش لم تر رأس شيطان قط ، إنما أراد تعظيم ذلك في صدورهم ، وقيل : أراد امرؤ القيس بالأغوال الشياطين ، وقيل : أراد الحيات ، والذي هو أصح في تفسير قوله لا غول ما قال عمر ، رضي الله عنه : إن أحدا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلق عليها ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم ، فإذا أنتم رأيتم ذلك فأذنوا ؛ أراد أنها تخيل وذلك سحر منها . ابن شميل : الغول شيطان يأكل الناس . وقال غيره : كل ما اغتالك من جن أو شيطان أو سبع فهو غول ، وفي الصحاح : كل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول . وذكرت الغيلان عند عمر ، رضي الله عنه ، فقال : إذا رآها أحدكم فليؤذن فإنه لا يتحول عن خلقه الذي خلق له . ويقال : غالته غول إذا وقع في مهلكة . والغول : بعد المفازة لأنه يغتال من يمر به ؛ وقال :


                                                          به تمطت غول كل ميله     بنا حراجيج المهارى النفه



                                                          الميله : أرض توله الإنسان أي تحيره ، وقيل : لأنها تغتال سير القوم . وقال اللحياني : غول الأرض أن يسير فيها فلا تنقطع . وأرض غيلة : بعيدة الغول عنه أيضا . وفلاة تغول أي ليست بينة الطرق فهي تضلل أهلها ، وتغولها اشتباهها وتلونها . والغول : بعد الأرض ، وأغوالها أطرافها ، وإنما سمي غولا لأنها تغول السابلة أي تقذف بهم وتسقطهم وتبعدهم . ابن شميل : يقال ما أبعد غول هذه الأرض أي ما أبعد ذرعها ، وإنها لبعيدة الغول . وقد تغولت الأرض بفلان أي أهلكته وضللته . وقد غالتهم تلك الأرض إذا هلكوا فيها ؛ قال ذو الرمة :


                                                          ورب مفازة قذف جموح     تغول منحب القرب اغتيالا

                                                          وهذه أرض تغتال المشي أي لا يستبين فيها المشي من بعدها وسعتها ؛ قال العجاج :


                                                          وبلدة بعيدة النياط     مجهولة تغتال خطو الخاطي

                                                          ابن خالويه : أرض ذات غول بعيدة وإن كانت في مرأى العين قريبة . وامرأة ذات غول أي طويلة تغول الثياب فتقصر عنها . والغول : ما انهبط من الأرض ؛ وبه فسر قول لبيد :


                                                          عفت الديار محلها فمقامها     بمنى تأبد غولها فرجامها

                                                          وقيل : إن غولها ورجامها في هذا البيت موضعان . والغول : التراب الكثير ؛ ومنه قول لبيد يصف ثورا يحفر رملا في أصل أرطاة :


                                                          ويبري عصيا دونها متلئبة     يرى دونها غولا من الرمل غائلا

                                                          ويقال للصقر وغيره : لا يغتاله الشبع ، قال زهير يصف صقرا :


                                                          من مرقب في ذرى خلقاء راسية     حجن المخالب لا يغتاله الشبع

                                                          أي لا يذهب بقوته الشبع أراد صقرا حجنا مخالبه ثم أدخل عليه الألف واللام . والغول : الصداع ، وقيل السكر ؛ وبه فسر قوله تعالى : لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون أي ليس فيها غائلة الصداع ؛ لأنه تعالى قال في موضع آخر : لا يصدعون عنها ولا ينزفون . وقال أبو عبيدة : الغول أن تغتال عقولهم ؛ وأنشد :


                                                          وما زالت الخمر تغتالنا     وتذهب بالأول الأول

                                                          أي توصل إلينا شرا وتعدمنا عقولنا . التهذيب : معنى الغول يقول ليس فيها غيلة ، وغائلة وغول سواء . وقالمحمد بن سلام : لا تغول عقولهم ولا يسكرون . وقال أبو الهيثم : غالت الخمر فلانا إذا شربها فذهبت بعقله أو بصحة بدنه ، وسميت الغول التي تغول في الفلوات غولا بما توصله من الشر إلى الناس ، ويقال : سميت غولا [ ص: 103 ] لتلونها ، والله أعلم . وقوله في حديث عهدة المماليك : لا داء ولا خبثة ولا غائلة ؛ الغائلة فيه أن يكون مسروقا ، فإذا ظهر واستحقه مالكه غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه أي أتلفه وأهلكه . يقال : غاله يغوله واغتاله أي أذهبه وأهلكه ، ويروى بالراء ، وهو مذكور في موضعه . وفي حديث ابن ذي يزن : ويبغون له الغوائل أي المهالك ، جمع غائلة . والغول : المشقة . والغول : الخيانة . ويروى حديث عهدة المماليك : ولا تغييب قال ؛ ابن شميل : يكتب الرجل العهود فيقول أبيعك على أنه ليس لك تغييب ولا داء ولا غائلة ولا خبثة ؛ قال : والتغييب أن لا يبيعه ضالة ولا لقطة ولا مزعزعا ، قال : وباعني مغيبا من المال أي ما زال يخبؤه ويغيبه حتى رماني به أي باعنيه ؛ قال : والخبثة الضالة أو السرقة ، والغائلة المغيبة أو المسروقة ، وقال غيره : الداء العيب الباطن الذي لم يطلع البائع المشتري عليه ، والخبثة في الرقيق أن لا يكون طيب الأصل كأنه حر الأصل لا يحل ملكه لأمان سبق له أو حرية وجبت له ، والغائلة أن يكون مسروقا ، فإذا استحق غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه ؛ قال محمد بن المكرم : قوله الخبثة في الرقيق أن لا يكون طيب الأصل كأنه حر الأصل فيه تسمح في اللفظ ، وهو إذا كان حر الأصل كان طيب الأصل ، وكان له في الكلام متسع لو عدل عن هذا . والمغاولة : المبادرة في الشيء . والمغاولة : المبادأة ؛ قال جرير يذكر رجلا أغارت عليه الخيل :


                                                          عاينت مشعلة الرعال كأنها     طير تغاول في شمام وكورا

                                                          قال ابن بري : البيت للأخطل لا لجرير . ويقال : كنت أغاول حاجة لي أي أبادرها . وفي حديث عمار : أنه أوجز في الصلاة وقال : إني كنت أغاول حاجة لي . وقال أبو عمرو : المغاولة المبادرة في السير وغيره ، قال : وأصل هذا من الغول ، بالفتح ، وهو البعد . يقال : هون الله عليك غول هذا الطريق . والغول أيضا من الشيء يغولك : يذهب بك . وفي حديث الإفك : بعدما نزلوا مغاولين أي مبعدين في السير . وفي حديث قيس بن عاصم : كنت أغاولهم في الجاهلية أي أبادرهم بالغارة والشر ، من غاله إذا أهلكه ، ويروى بالراء وقد تقدم . وفي حديث طهفة : بأرض غائلة النطاة أي تغول ساكنها ببعدها ؛ وقول أمية بن أبي عائذ يصف حمارا وأتنا :


                                                          إذا غربة عمهن ارتفعن     أرضا ويغتالها باغتيال

                                                          قال السكري : يغتال جريها بجري من عنده . والمغول : حديدة تجعل في السوط فيكون لها غلافا ، وقيل : هو سيف دقيق له قفا يكون غمده كالسوط ؛ ومنه قول أبي كبير :


                                                          أخرجت منها سلعة مهزولة     عجفاء يبرق نابها كالمغول

                                                          أبو عبيد : المغول سوط في جوفه سيف ، وقال غيره : سمي مغولا لأن صاحبه يغتال به عدوه أي يهلكه من حيث لا يحتسبه ، وجمعه مغاول . وفي حديث أم سليم : رآها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبيدها مغول ، فقال : ما هذا ؟ قالت : أبعج به بطون الكفار ؛ المغول ، بالكسر : شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه ، وقيل : هو حديدة دقيقة لها حد ماض وقفا ، وقيل : هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتك على وسطه ليغتال به الناس . وفي حديث خوات : انتزعت مغولا فوجأت به كبده . وفي حديث الفيل حين أتى مكة : فضربوه بالمغول على رأسه . والمغول : كالمشمل إلا أنه أطول منه وأدق . وقال أبو حنيفة : المغول نصل طويل قليل العرض غليظ المتن ، فوصف العرض الذي هو كمية بالقلة التي لا يوصف بها إلا الكيفية . والغول : جماعة الطلح لا يشاركه شيء . والغول : ساحرة الجن ، والجمع غيلان . وقال أبو الوفاء الأعرابي : الغول الذكر من الجن ، فسئل عن الأنثى فقال : هي السعلاة . والغولان ، بالفتح : ضرب من الحمض . قال أبو حنيفة : الغولان حمض كالأشنان شبيه بالعنظوان إلا أنه أدق منه وهو مرعى ؛ قال ذو الرمة :


                                                          حنين اللقاح الخور حرق ناره     بغولان حوضى فوق أكبادها العشر

                                                          والغول وغويل والغولان ، كلها : مواضع . ومغول : اسم رجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية