الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غيض ]

                                                          غيض : غاض الماء يغيض غيضا ومغيضا ومغاضا وانغاض : نقص أو غار فذهب ، وفي الصحاح : قل فنضب . وفي حديث سطيح : وغاضت بحيرة ساوة أي غار ماؤها وذهب . وفي حديث خزيمة في ذكر السنة : وغاضت لها الدرة أي نقص اللبن . وفي حديث عائشة تصف أباها ، رضي الله عنهما : وغاض نبع الردة أي أذهب ما نبع منها وظهر . وغاضه هو وغيضه وأغاضه ، يتعدى ولا يتعدى ، وقال بعضهم : غاضه نقصه وفجره إلى مغيض . والمغيض : المكان الذي يغيض فيه الماء . وأغاضه وغيضه وغيض ماء البحر ، فهو مغيض ، مفعول به . الجوهري : وغيض الماء فعل به ذلك . وغاضه الله يتعدى ولا يتعدى ، وأغاضه الله أيضا ؛ فأما قوله :


                                                          إلى الله أشكو من خليل أوده ثلاث خلال كلها لي غائض



                                                          قال بعضهم : أراد غائظ ، بالظاء ، فأبدل الظاء ضادا ؛ هذا قول ابن جني ، قال ابن سيده : ويجوز عندي أن يكون غائض غير بدل ولكنه من غاضه أي نقصه ، ويكون معناه حينئذ أنه ينقصني ويتهضمني . وقوله تعالى : وما تغيض الأرحام وما تزداد قال الزجاج : معناه ما نقص الحمل عن تسعة أشهر وما زاد على التسعة ، وقيل : ما نقص عن أن يتم حتى يموت وما زاد حتى يتم الحمل . وغيضت الدمع : نقصته وحبسته . والتغييض : أن يأخذ العبرة من عينه ويقذف بها حكاه ثعلب ؛ وأنشد :


                                                          غيضن من عبراتهن وقلن لي     ماذا لقيت من الهوى ولقينا

                                                          ؟

                                                          معناه أنهن سيلن دموعهن حتى نزفنها . قال ابن سيده : من هاهنا للتبعيض ، وتكون زائدة على قول أبي الحسن لأنه يرى زيادة من في الواجب . وحكي قد كان من مطر أي قد كان مطر . وأعطاه غيضا من فيض أي قليلا من كثير ؛ قال أبو سعيد في قولهم : فلان يعطي غيضا من فيض : معناه أنه قد فاض ماله وميسرته فهو إنما يعطي من قله أعظم أجرا . وفي حديث عثمان بن أبي العاص : لدرهم ينفقه أحدكم من جهده خير من عشرة آلاف ينفقها أحدنا غيضا من فيض أي قليل أحدكم مع فقره خير من كثيرنا مع غنانا . وغاض ثمن السلعة يغيض : نقص ، وغاضه وغيضه . الكسائي : غاض ثمن السلعة وغضته أنا في باب فعل الشيء وفعلته ؛ قال الراجز :


                                                          لا تأويا للحوض أن يفيضا     أن تغرضا خير من أن تغيضا



                                                          يقول أن تملآه خير من أن تنقصاه ؛ وقول الأسود بن يعفر :


                                                          أما تريني قد فنيت وغاضني     ما نيل من بصري ومن أجلادي

                                                          ؟

                                                          معناه نقصني بعد تمامي ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي رحمه الله تعالى :


                                                          ولو قد عض معطسه جريري     لقد لانت عريكته وغاضا



                                                          فسره فقال : غاض أثر في أنفه حتى يذل . ويقال : غاض الكرام أي قلوا ، وفاض اللئام أي كثروا . وفي الحديث : إذا كان الشتاء قيظا وغاضت الكرام غيضا أي فنوا وبادوا . والغيضة : الأجمة . وغيض الأسد : ألف الغيضة . والغيضة : مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر ، وجمعها غياض وأغياض ، الأخيرة على طرح الزائد ، ولا يكون جمع جمع لأن جمع الجمع مطرح ما وجدت عنه مندوحة ، ولذلك أقر أبو علي قوله : ( فرهن مقبوضة ) على أنه جمع رهن كما حكى أهل اللغة ، لا على أنه جمع رهان الذي هو جمع رهن فافهم . وفي حديث عمر : لا تنزلوا المسلمين الغياض ، الغياض جمع غيضة وهي الشجر الملتف لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها فتمكن منهم العدو . والغيض : ما كثر من الأغلاث أي الطرفاء والأثل والحاج والعكرش والينبوت . وفي الحديث : كان منبر رسول الله من أثل الغابة ؛ قال ابن الأثير : الغابة غيضة ذات شجر كثير وهي على تسعة أميال من المدينة . والغيض : الطلع وكذلك الغضيض والإغريض ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية