الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غيا ]

                                                          غيا : الغاية : مدى الشيء . والغاية أقصى الشيء . الليث : الغاية مدى كل شيء وألفه ياء ، وهو من تأليف غين وياءين ، وتصغيرها غيية ، تقول : غييت غاية . وفي الحديث : أنه سابق بين الخيل فجعل غاية المضمرة كذا ؛ هو من غاية كل شيء مداه ومنتهاه . وغاية كل شيء : منتهاه وجمعها غايات وغاي مثل ساعة وساع . قال أبو إسحاق : الغايات في العروض أكثر معتلا ، لأن الغايات إذا كانت فاعلاتن أو مفاعيلن أو فعولن فقد لزمها أن لا تحذف أسبابها لأن آخر البيت لا يكون إلا ساكنا ، فلا يجوز أن يحذف الساكن ويكون آخر البيت متحركا ، وذلك لأن آخر البيت لا يكون إلا ساكنا ، فمن الغايات : المقطوع والمقصور والمكشوف والمقطوف وهذه كلها أشياء لا تكون في حشو البيت ، وسمي غاية لأنه نهاية البيت . قال ابن الأنباري : قول الناس هذا الشيء غاية ، معناه هذا الشيء علامة في جنسه لا نظير له أخذا من غاية الحرب ، وهي الراية ومن ذلك غاية الخمار خرقة يرفعها . ويقال : معنى قولهم هذا الشيء غاية أي هي منتهى هذا الجنس ، أخذ من غاية السبق وهي قصبة تنصب في الموضع الذي تكون المسابقة إليه ليأخذها السابق . والغاية : الراية . يقال : غييت غاية . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال في الكوائن قبل الساعة منها هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون بكم وتسيرون إليهم في ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ؛ الغاية والراية سواء ، ورواه بعضهم : في ثمانين غابة بالباء ، قال أبو عبيد : من رواه غاية بالياء فإنه يريد الراية ؛ وأنشد بيت لبيد :


                                                          قد بت سامرها وغاية تاجر وافيت إذ رفعت وعز مدامها



                                                          قال : ويقال إن صاحب الخمر كانت له راية يرفعها ليعرف أنه بائع خمر ؛ ويقال : بل أراد بقوله : غاية تاجر أنها غاية متاعه في الجودة ؛ قال : ومن رواه : غابة ، بالباء ، يريد الأجمة ، شبه كثرة الرماح في العسكر بها ؛ قال أبو عبيد : وبعضهم روى الحديث في ثمانين غياية ، وليس ذلك بمحفوظ ولا موضع للغياية هاهنا . أبو زيد : غييت للقوم تغييا ورييت لهم ترييا جعلت لهم غاية وراية . وغاية الخمار : رايته . وغياها : عملها ، وأغياها : نصبها . والغاية : القصبة التي يصاد بها العصافير . والغياية : السحابة المنفردة ، وقيل : الواقفة ، عن ابن الأعرابي . والغياية : ظل الشمس بالغداة والعشي ، وقيل : هو ضوء شعاع الشمس وليس هو نفس الشعاع ؛ قال لبيد :


                                                          فتدليت عليه قافلا     وعلى الأرض غيايات الطفل



                                                          وكل ما أظلك غياية . وفي الحديث : تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان ؛ الأصمعي : الغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه مثل السحابة والغبرة والظل ونحوه ؛ ومنه حديث هلال رمضان : فإن حالت دونه غياية أي سحابة أو قترة . أبو زيد : نزل الرجل في غيابة ، بالباء أي في هبطة من الأرض . والغياية ، بالياء : ظل السحابة ، وقال بعضهم : غياءة . وفي حديث أم زرع : زوجي غياياء طباقاء ؛ كذا جاء في رواية أي كأنه في غياية أبدا وظلمة لا يهتدي إلى مسلك ينفذ فيه ، ويجوز أن تكون قد وصفته بثقل الروح ، وأنه كالظل المتكاثف المظلم الذي لا إشراق فيه . وغايا القوم فوق رأس فلان بالسيف : كأنهم أظلوه به . وكل شيء أظل الإنسان فوق رأسه مثل السحابة والغبرة والظلمة ونحوه فهو غياية . ابن الأعرابي : الغياية تكون من الطير الذي يغيي على رأسك أي يرفرف . ويقال : أغيا عليه السحاب بمعنى غايا إذا أظل عليه ؛ وأنشد :


                                                          أربت به الأرواح بعد أنيسه     وذو حومل أغيا عليه وأظلما



                                                          وتغايت الطير على الشيء : حامت . وغيت : رفرفت . والغاية : الطير المرفرف ، وهو منه . وتغايوا عليه حتى قتلوه أي جاءوا من هنا وهنا . ويقال : اجتمعوا عليه وتغايوا عليه فقتلوه ، وإن اشتق من الغاوي قيل تغاووا . وغياية البئر : قعرها مثل الغيابة . وذكر الجوهري في ترجمة غيا . ويقال فلان لغية ، وهو نقيض قولك لرشدة ؛ قال ابن بري : ومنه قول الشاعر :


                                                          ألا رب من يغتابني وكأنني     أبوه الذي يدعى إليه وينسب
                                                          على رشدة من أمره أو لغية     فيغلبها فحل على النسل منجب



                                                          قال ابن خالويه : يروى : رشدة وغية ، بفتح أولهما وكسره ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية