الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فحش ]

                                                          فحش : الفحش : معروف . ابن سيده : الفحش والفحشاء والفاحشة القبيح من القول والفعل ، وجمعها الفواحش . وأفحش عليه في المنطق أي قال الفحش . والفحشاء : اسم الفاحشة ، وقد فحش وفحش وأفحش وفحش علينا وأفحش إفحاشا وفحشا ; عن كراع واللحياني ، والصحيح أن الإفحاش والفحش الاسم . ورجل فاحش : ذو فحش ، وفي الحديث : إن الله يبغض الفاحش المتفحش ; فالفاحش ذو الفحش والخنا من قول وفعل ، والمتفحش الذي يتكلف سب الناس ويتعمده ، وقد تكرر ذكر الفحش والفاحشة والفاحش في الحديث ، وهو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي ; قال ابن الأثير : وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا ويسمى الزنا فاحشة ، وقال الله تعالى : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قيل : الفاحشة المبينة أن تزني فتخرج للحد ، وقيل : الفاحشة خروجها من بيتها بغير إذن زوجها ، وقال الشافعي : أن تبذو على أحمائها بذاربة لسانها فتؤذيهم وتلوك ذلك . وفي حديث فاطمة بنت قيس : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم يجعل لها سكنى ولا نفقة وذكر أنه نقلها إلى بيت ابن أم مكتوم لبذاءتها وسلاطة لسانها ولم يبطل سكناها لقوله عز وجل : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة . وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة من الأقوال والأفعال ; ومنه الحديث : قال لعائشة لا تقولي ذلك فإن الله لا يحب الفحش ولا التفاحش ; أراد بالفحش التعدي في القول والجواب لا الفحش الذي هو من قذع الكلام ورديئه ، والتفاحش تفاعل منه ; وقد يكون الفحش بمعنى الزيادة والكثرة ; ومنه حديث بعضهم وقد سئل عن دم البراغيث فقال : إن لم يكن فاحشا فلا بأس . وكل شيء جاوز قدره وحده فهو فاحش . وقد فحش الأمر فحشا وتفاحش . وفحش بالشيء : شنع . وفحشت المرأة : قبحت وكبرت ; حكاه ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          وعلقت تجريهم عجوزك بعدما فحشت محاسنها على الخطاب



                                                          وأفحش الرجل إذا قال قولا فاحشا ، وقد فحش علينا فلان وإنه لفحاش ، وتفحش في كلامه ، ويكون المتفحش الذي يأتي بالفاحشة المنهي عنها . ورجل فحاش : كثير الفحش ، وفحش قوله فحشا . وكل أمر لا يكون موافقا للحق والقدر ، فهو فاحشة . قال ابن جني : وقالوا فاحش وفحشاء كجاهل وجهلاء حيث كان الفحش ضربا من ضروب الجهل ونقيضا للحلم ; وأنشد الأصمعي :


                                                          وهل علمت فحشاء جهله



                                                          وأما قول الله عز وجل : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء قال المفسرون : معناه يأمركم بأن لا تتصدقوا ، وقيل : الفحشاء هاهنا البخل ، والعرب تسمي البخيل فاحشا ; وقال طرفة :


                                                          أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي     عقيلة مال الفاحش المتشدد



                                                          يعني الذي جاوز الحد في البخل . وقال ابن بري : الفاحش السيئ الخلق المتشدد البخيل . يعتام : يختار . يصطفي أي يأخذ صفوته وهي [ ص: 135 ] خياره . وعقيلة المال : أكرمه وأنفسه ; وتفحش عليهم بلسانه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية