الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فحص ]

                                                          فحص : الفحص : شدة الطلب خلال كل شيء ; فحص عنه فحصا : بحث ، وكذلك تفحص وافتحص . وتقول : فحصت عن فلان وفحصت عن أمره لأعلم كنه حاله ، والدجاجة تفحص برجليها وجناحيها في التراب تتخذ لنفسها أفحوصة تبيض أو تجثم فيها . ومنه حديث عمر : إن الدجاجة لتفحص في الرماد أي تبحثه وتتمرغ فيه . والأفحوص : مجثم القطاة لأنها تفحصه ، وكذلك المفحص : يقال : ليس له مفحص قطاة ; قال ابن سيده : والأفحوص مبيض القطا ، لأنها تفحص الموضع ثم تبيض فيه ، وكذلك هو للدجاجة ، قال الممزق العبدي :


                                                          وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها نسيفا كأفحوص القطاة المطرق



                                                          قال الأزهري : أفاحيص القطا التي تفرخ فيها ، ومنه اشتق قول أبي بكر ، رضي الله عنه : فحصوا عن أوساط الرءوس أي عملوها مثل أفاحيص القطا . ومنه الحديث المرفوع : من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ; ومفحص القطاة : حيث تفرخ فيه من الأرض . قال ابن الأثير : هو مفعل من الفحص كالأفحوص ، وجمعه مفاحص . وفي الحديث : أنه أوصى أمراء جيش مؤتة : وستجدون آخرين للشيطان في رءوسهم مفاحص فافلقوها بالسيوف أي أن الشيطان قد استوطن رءوسهم فجعلها له مفاحص كما تستوطن القطا مفاحصها ، وهو من الاستعارات اللطيفة لأن من كلامهم إذا وصفوا إنسانا بشدة الغي والانهماك في الشر قالوا : قد فرخ الشيطان في رأسه وعشش في قلبه ، فذهب بهذا القول ذلك المذهب . وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : وستجد قوما فحصوا عن أوساط رءوسهم الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف ، وفي الصحاح : كأنهم حلقوا وسطها وتركوها مثل أفاحيص القطا . قال ابن سيده : وقد يكون الأفحوص للنعام . وفحص للخبزة يفحص فحصا : عمل لها موضعا في النار ، واسم الموضع الأفحوص . وفي حديث زواجه بزينب ووليمته : فحصت الأرض أماحيص أي حفرت . وكل موضع فحص أفحوص ومفحص ، فأما قول كعب بن زهير :


                                                          ومفحصها عنها الحصى بجرانها     ومثنى نواج لم يخنهن مفصل



                                                          فإنما عنى بالمفحص هاهنا الفحص لا اسم الموضع لأنه قد عداه إلى الحصى ، واسم الموضع لا يتعدى . وفحص المطر التراب يفحصه : قلبه ونحى بعضه عن بعض فجعله كالأفحوص . والمطر يفحص الحصى إذا اشتد وقع غيثه فقلب الحصى ونحى بعضه عن بعض . وفي حديث قس : ولا سمعت له فحصا أي وقع قدم وصوت مشي . وفي حديث كعب : إن الله بارك في الشام وخص بالتقديس من فحص الأردن إلى رفح ; الأردن : النهر المعروف تحت طبرية ، وفحصه ما بسط منه وكشف من نواحيه ، ورفح قرية معروفة هناك . وفي حديث الشفاعة : فانطلق حتى أتى الفحص أي قدام العرش ; هكذا فسر في الحديث ولعله من الفحص : البسط والكشف . وفحص الظبي : عدا عدوا شديدا ، والأعرف محص . والفحص : ما استوى من الأرض ، والجمع فحوص . والفحصة : النقرة التي تكون في الذقن والخدين من بعض الناس . ويقال : بينهما فحاص أي عداوة . وقد فاحصني فلان فحاصا : كأن كل واحد منهما يفحص عن عيب صاحبه وعن سره . وفلان فحيصي ومفاحصي بمعنى واحد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية