الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحل

                                                                      3542 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم أخبرنا سيار وأخبرنا مغيرة وأخبرنا داود عن الشعبي وأخبرنا مجالد وإسمعيل بن سالم عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال أنحلني أبي نحلا قال إسمعيل بن سالم من بين القوم نحلة غلاما له قال فقالت له أمي عمرة بنت رواحة ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشهده فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأشهده فذكر ذلك له فقال له إني نحلت ابني النعمان نحلا وإن عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك قال فقال ألك ولد سواه قال قلت نعم قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان قال لا قال فقال بعض هؤلاء المحدثين هذا جور وقال بعضهم هذا تلجئة فأشهد على هذا غيري قال مغيرة في حديثه أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء قال نعم قال فأشهد على هذا غيري وذكر مجالد في حديثه إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك قال أبو داود في حديث الزهري قال بعضهم أكل بنيك وقال بعضهم ولدك وقال ابن أبي خالد عن الشعبي فيه ألك بنون سواه وقال أبو الضحى عن النعمان بن بشير ألك ولد غيره

                                                                      التالي السابق


                                                                      باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحل

                                                                      " بضم فسكون مصدر نحلته ، والنحلة بكسر النون العطية .

                                                                      ( أخبرنا سيار ) : أي أبو الحكم الواسطي عن أبي وائل وزر بن حبيش والشعبي ، وعنه شعبة وقرة بن خالد وهشيم وثقه أحمد وابن معين كذا في الخلاصة ( وأخبرنا مغيرة وأخبرنا داود عن الشعبي وأخبرنا مجالد وإسماعيل بن سالم عن الشعبي ) : كذا وقع في بعض النسخ ، ووقع في بعضها ح وأخبرنا مغيرة ح وأخبرنا داود عن الشعبي بزيادة حاء التحويل قبل قوله : وأخبرنا مغيرة وبعده ، والظاهر أنه غلط ، لأن هشيما روى هذا الحديث عن سيار ومغيرة وداود ومجالد وإسماعيل فهؤلاء المحدثون الخمسة شيوخ هشيم وهم رووا الحديث عن الشعبي ، وعلى تقدير زيادة حاء التحويل يختل المراد ، فقوله : وأخبرنا مغيرة . عطف على قوله : أخبرنا سيار . قال المزي في الأطراف : والحديث أخرجه أبو داود في البيوع عن ابن حنبل عن هشيم عن سيار أبي الحكم ، ومغيرة وداود بن أبي هند ، ومجالد بن سعيد وإسماعيل بن سالم خمستهم عن الشعبي انتهى .

                                                                      ( عن الشعبي ) : هو عامر ( أنحلني أبي ) : أي أعطاني . قال في القاموس : أنحله مالا [ ص: 363 ] أعطاه ماله وخصه بشيء منه كنحله فيهما . والنحل والنحلان بضمهما اسم ذلك المعطي ( نحلا ) : بضم النون أي عطية ( من بين القوم ) : يعني المحدثين المذكورين ( عمرة ) : بفتح العين وسكون الميم ( بنت رواحة ) : بفتح الراء ( فأشهده ) : أي اجعله شاهدا ( ألك ولد سواه ) : أي سوى النعمان ( فكلهم ) : بالنصب ( هذا جور ) : أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا جور أي ظلم أو ميل ، فمن لا يجوز التفضيل بين الأولاد يفسره بالأول ، ومن يجوزه على الكراهة يفسره بالثاني ( هذا تلجئة ) : قال في القاموس : التلجئة الإكراه ، وقال في النهاية : هو تفعلة من الإلجاء كأنه قد ألجأك إلى أن تأتي بأمر باطنه خلاف ظاهره وأحوجك إلى أن تفعل فعلا تكرهه انتهى

                                                                      ( قال أبو داود في حديث الزهري ) : وحديثه عند الشيخين ( قال بعضهم أكل بنيك وقال بعضهم : ولدك ) : لا منافاة بينهما لأن لفظ الولد يشمل الذكور والإناث ، وأما لفظ البنين فإن كانوا ذكورا فظاهر وإن كانوا إناثا وذكورا فعلى سبيل التغليب قاله الحافظ ( وقال ابن أبي خالد ) : هو إسماعيل وحديثه عند مسلم في الفرائض ( وقال أبو الضحى ) : وحديثه عند النسائي .

                                                                      قال النووي : فيه استحباب التسوية بين الأولاد في الهبة ، فلا يفضل بعضهم على بعض سواء كانوا ذكورا أو إناثا . قال بعض أصحابنا : ينبغي أن يكون للذكر مثل حظ [ ص: 364 ] الأنثيين ، والصحيح الأول لظاهر الحديث ، فلو وهب بعضهم دون بعض فمذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله أنه مكروه وليس بحرام والهبة صحيحة . وقال أحمد والثوري وإسحاق رحمهم الله وغيرهم هو حرام واحتجوا بقوله لا أشهد على جور وبقوله واعدلوا بين أولادكم واحتج الأولون بما جاء في رواية فأشهد على هذا غيري ولو كان حراما أو باطلا لما قال هذا ، وبقوله " فأرجعه " ولو لم يكن نافذا لما احتاج إلى الرجوع . فإن قيل قاله تهديدا ، قلنا : الأصل خلافه ; ويحمل عند الإطلاق صيغة افعل على الوجوب أو الندب ، وإن تعذر ذلك فعلى الإباحة . وأما معنى الجور فليس فيه أنه حرام لأنه هو الميل عن الاستواء والاعتدال ; وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جور سواء كان حراما أو مكروها . ذكره في المرقاة .

                                                                      وقال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم ، وقال الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير .




                                                                      الخدمات العلمية