الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3094 كتاب الجنائز

                                                              1-باب في العيادة

                                                              324 \ 2967 - وعن أسامة بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود عبد الله بن أبي في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه عرف فيه الموت قال: قد كنت أنهاك عن حب يهود قال: فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه؟ فلما مات أتاه ابنه فقال: يا رسول الله، إن عبد الله بن أبي قد مات، فأعطني قميصك أكفنه فيه فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فأعطاه إياه

                                                              قد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عبد الله بن عمر: أن ابنه عبد الله جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه.

                                                              وأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث جابر بن عبد الله قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي، فأخرجه من قبره، فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه ". والله أعلم.

                                                              قيل: يجوز أن يكون جابر شاهد من ذلك ما لم يشاهده ابن عمر، ويجوز أن يكون أعطاه قميصين، قميصا للكفن، ثم أخرجه فألبسه آخر.

                                                              [ ص: 330 ] واختلفوا: لم أعطاه ذلك؟ على أربعة أقوال.

                                                              أحدها: أن يكون أراد بذلك إكرام ولده، فقد كان مسلما بريئا من النفاق.

                                                              والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ما سئل شيئا قط فقال: لا.

                                                              والثالث: أنه كان قد أعطى العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصا لما أسر يوم بدر، ولم يكن على العباس ثياب يومئذ، فأراد أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يد لم يجازه عليها.

                                                              والرابع: أنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك قبل أن ينزل قوله عز وجل: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره [التوبة: 84].

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: ولا تعارض بين هذين الحديثين بوجه، فإن حديث أسامة صريح بأنه أعطاه القميص وقت موته، فكفنه فيه، وحديث جابر بن عبد الله لم يقل فيه: إنه ألبسه قميصه حين أخرجه من قبره، وإنما فيه " أنه نفث عليه من ريقه وأجلسه على ركبتيه، وألبسه قميصه "، فأخبر بثلاث جمل متباينة، الأوليان منها يتعين أن تكونا بعد الإخراج من القبر، والثالثة لا يتعين فيها ذلك، ولعل جابرا لما رأى عليه القميص في تلك الحال ظن أنه ألبسه إياه حينئذ.




                                                              الخدمات العلمية