الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرح ]

                                                          فرح : الفرح : نقيض الحزن ، وقال ثعلب : هو أن يجد في قلبه خفة ; فرح فرحا ، ورجل فرح وفرح ومفروح ، عن ابن جني ، وفرحان من قوم فراحى وفرحى ، وامرأة فرحة وفرحى وفرحانة ; قال ابن سيده : ولا أحقه . والفرح أيضا : البطر . وقوله تعالى : لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين قال الزجاج : معناه ، والله أعلم : لا تفرح بكثرة المال في الدنيا لأن الذي يفرح بالمال يصرفه في غير أمر الآخرة ; وقيل : لا تفرح لا تأشر ، والمعنيان متقاربان لأنه إذا سر ربما أشر . والمفراح : الذي يفرح كلما سره الدهر ، وهو الكثير الفرح ، وقد أفرحه وفرحه . والفرحة والفرحة : المسرة . وفرح به : سر . والفرحة أيضا : ما تعطيه المفرح لك أو تثيبه به مكافأة له . وفي حديث التوبة : لله أشد فرحا بتوبة عبده ; الفرح هاهنا وفي أمثاله كناية عن الرضا وسرعة القبول وحسن الجزاء لتعذر إطلاق ظاهر الفرح على الله تعالى . وأفرحه الشيء والدين : أثقله ; والمفرح : المثقل بالدين ; وأنشد أبو عبيدة لبيهس العذري :


                                                          إذا أنت أكثرت الأخلاء صادفت بهم حاجة بعض الذي أنت مانع     إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة
                                                          وتحمل أخرى أفرحتك الودائع



                                                          ورجل مفرح : محتاج مغلوب ; وقيل : فقير لا مال له . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا يترك في الإسلام مفرح أي لا يترك في أخلاف المسلمين حتى يوسع عليه ويحسن إليه ; قال أبو عبيد : المفرح الذي قد أفرحه الدين والغرم أي أثقله ولا يجد قضاءه ، وقيل : أثقل الدين ظهره . قال الزهري : كان في الكتاب الذي كتبه سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بين المهاجرين والأنصار : أن لا يتركوا مفرحا حتى يعينوه على ما كان من عقل أو فداء ; قال : والمفرح المفدوح ، وكذلك قال الأصمعي قال : هو الذي أثقله الدين ; يقول : يقضى عنه دينه من بيت المال ، ولا يترك مدينا ، وأنكر قولهم مفرج ، بالجيم ; الأزهري : من قال مفرح ، فهو الذي أثقله العيال ، وإن لم يكن مدانا . والمفرح : الذي لا يعرف له نسب ولا ولاء ، وروى بعضهم هذه بالجيم . وأفرحه : سره يقال : ما يسرني بهذا الأمر مفرح ومفروح به ولا تقل مفروح . الأزهري : يقال ما يسرني به مفروح ومفرح ; فالمفروح الشيء الذي أنا به أفرح ، والمفرح الشيء الذي يفرحني ; وروي عن الأصمعي : يقال ما يسرني به مفرح ولا يجوز مفروح ، قال : وهذا عنده مما تلحن فيه العامة ; قال أبو عبيد : ومن قال مفرج ، فهو الذي يسلم ولا يوالي أحدا ، فإذا جنى جناية كانت جنايته على بيت المال لأنه لا عاقلة له . والتفريح : مثل الإفراح ; وتقول : لك عندي فرحة إن بشرتني ، وفرحة . قال ابن الأثير : وأفرحه إذا غمه ، وحقيقته أزلت [ ص: 148 ] عنه الفرح ، كأشكيته إذا أزلت شكواه ، والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إلى أن يخرج عنها ، ويروى بالجيم ، وقد تقدم ذكره ، وفي حديث عبد الله بن جعفر ذكرت أمنا يتمنا وجعلت تفرح له ; قال ابن الأثير : قال أبو موسى : كذا وجدته بالحاء المهملة ، قال : وقد أضرب الطبراني عن هذه اللفظة فتركها من الحديث ، فإن كانت بالحاء ، فهو من أفرحه إذا غمه وأزال عنه الفرح وأفرحه الدين إذا أثقله ، وإن كانت بالجيم ، فهو من المفرج الذي لا عشيرة له ، فكأنها أرادت أن أباهم توفي ولا عشيرة لهم ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أتخافين العيلة وأنا وليهم ؟ والمفرح : القتيل يوجد بين القريتين ، ورويت بالجيم أيضا . وروى ابن الأعرابي : أفرحني الشيء سرني وغمني . والفرحانة : الكمأة البيضاء ; عن كراع قال ابن سيده : والذي رويناه قرحان ، بالقاف ، وسنذكره . والمفرح : دواء معروف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية