الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      خارجة بن زيد ( ع )

                                                                                      ابن ثابت ، الفقيه ، الإمام ابن الإمام وأحد الفقهاء السبعة الأعلام [ ص: 438 ] أبو زيد الأنصاري ، والنجاري ، المدني ، وأجل إخوته ، وهم : إسماعيل ، وسليمان ، ويحيى ، وسعد ; وجده لأمه هو سعد بن الربيع الأنصاري ، أحد النقباء السادة .

                                                                                      حدث عن أبيه ، وعمه يزيد ، وأسامة بن زيد ، وأمه أم سعد بنت سعد ، وأم العلاء الأنصارية ، وعبد الرحمن بن أبي عمرة ; ولم يكن بالمكثر من الحديث .

                                                                                      روى عنه : ابنه سليمان ، وابن أخيه سعيد بن سليمان ، وسالم أبو النضر ، وأبو الزناد - وهو تلميذه في الفقه - ، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وعبد الله بن عمرو بن عثمان ، وعثمان بن حكيم الأنصاري ، ومجالد بن عوف ، ومحمد بن عبد الله الديباج ، وابن شهاب ، ويزيد بن عبد الله بن قسيط ، وأبو بكر بن حزم ، وآخرون .

                                                                                      وروايته عن عمه مرسلة . قال موسى بن عقبة : لأن عمه قتل زمن الصديق .

                                                                                      وروى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : كان الفقهاء السبعة الذين يسألون بالمدينة وينتهى إلى قولهم : سعيد بن المسيب ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وعروة ، والقاسم ، وعبيد الله بن عبد الله ، وخارجة بن زيد ، وسليمان بن يسار .

                                                                                      وروى الدراوردي عن عبيد الله بن عمر ، قال : كان الفقه بعد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت ، وسعيد بن المسيب ، [ ص: 439 ] وعروة ، والقاسم بن محمد ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الملك بن مروان ، وسليمان بن يسار مولى ميمونة .

                                                                                      وقال مصعب بن الزبير : كان خارجة بن زيد ، وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان ، وينتهي الناس إلى قولهما ، ويقسمان المواريث بين أهلها من الدور والنخيل ، والأموال ، ويكتبان الوثائق للناس .

                                                                                      وروى معن القزاز عن زيد بن السائب ، قال : أجاز سليمان بن عبد الملك خارجة بن زيد بمال فقسمه .

                                                                                      الواقدي : حدثنا موسى بن نجيح ، عن إبراهيم بن يحيى - هو ابن زيد بن ثابت - أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يعطى خارجة بن زيد ما قطع عنه من الديوان ، فمشى خارجة إلى أبي بكر بن حزم ، فقال : إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة ، ولي نظراء ، فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا ، فعلت ; وإن هو خصني به ، فإني أكره ذلك له . فكتب عمر : لا يسع المال لذلك ، ولو وسعه لفعلت .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : خارجة بن زيد مدني ، تابعي ، ثقة .

                                                                                      ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، سمعت خارجة بن زيد يقول : رأيتني ونحن غلمان شباب ، زمن عثمان ، وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه .

                                                                                      الواقدي : حدثني إسماعيل بن مصعب ، عن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، قال : رأيت في المنام كأني بنيت [ ص: 440 ] سبعين درجة ، فلما فرغت منها تهورت ، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها . فمات عنها .

                                                                                      الواقدي : حدثنا محمد بن بشر بن حميد ، عن أبيه ، قال : قال رجاء بن حيوة : يا أمير المؤمنين ، قدم قادم الساعة ، فأخبرنا أن خارجة بن زيد مات . فاسترجع عمر وصفق بإحدى يديه على الأخرى ، وقال : ثلمة والله في الإسلام .

                                                                                      قال الفلاس وابن نمير : مات خارجة سنة تسع وتسعين .

                                                                                      وقال الهيثم بن عدي ، ويحيى بن بكير ، وخليفة ، وابن المديني ، وعدة : مات سنة مائة .

                                                                                      وقال أبو عبيد : صلى عليه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي ، أنبأنا محمد بن خلف ، وأنبأنا ابن علون ، أنبأنا البهاء عبد الرحمن ، قالا : أخبرتنا شهدة الكاتبة ، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام ، أنبأنا أحمد بن محمد البرقاني : قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب ، أخبركم محمد بن عبد الرحمن الشامي ، حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه ، قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتعلم كتاب يهود ، فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت ; كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم ، فإذا كتبوا إليه ، قرأت كتابهم له .

                                                                                      أخرجه البخاري تعليقا ، فقال : وقال خارجة عن أبيه . [ ص: 441 ]

                                                                                      وما عبد الرحمن بن أبي الزناد من شرط البخاري ، وهو وسط .

                                                                                      ابن وهب : أنبأنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه : حدثني خارجة بن زيد ، قال : قتل رجل من الأنصار - وهو سكران - أنصاريا في عهد معاوية ، ولم يكن على ذلك شهادة إلا لطخ وشبهة ، فاجتمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول ، ثم يسلم إليهم فيقتلوه ; فركبنا إلى معاوية ، فقصصنا عليه القصة ، فكتب إلى سعيد بن العاص : إن كان ما ذكرنا له حقا أن يحلفنا على القاتل ، ثم يسلمه إلينا . فجئنا بكتاب معاوية إلى سعيد ، فقال : أنا منفذ كتاب أمير المؤمنين فاغدوا على بركة الله . فغدونا عليه ، فأسلمه إلينا بعد أن حلفنا خمسين يمينا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية