الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب كيف القضاء

                                                                      3582 حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا شريك عن سماك عن حنش عن علي عليه السلام قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا فقلت يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء فقال إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء قال فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بعثني ) : أي أراد بعثي ( ترسلني ) : بتقدير أداة الاستفهام ( وأنا حديث [ ص: 395 ] السن ) : أي والحال أني صغير العمر قليل التجارب ( ولا علم لي بالقضاء ) : قال المظهر : لم يرد به نفي العلم مطلقا وإنما أراد به أنه لم يجرب سماع المرافعة بين الخصماء وكيفية رفع كلام كل واحد من الخصمين ومكرهما ( إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك ) : قال الطيبي : السين في قوله " سيهدي " كما في قوله تعالى إني ذاهب إلى ربي سيهدين فإن السين فيهما صحب الفعل لتنفيس زمان وقوعه ، ولا شك أنه رضي الله عنه حين بعثه قاضيا كان عالما بالكتاب والسنة كمعاذ رضي الله عنه . وقوله : أنا حديث السن . اعتذار من استعمال الفكر واجتهاد الرأي من قلة تجاربه ، ولذلك أجاب بقوله " سيهدي قلبك " أي يرشدك إلى طريق استنباط المسائل بالكتاب والسنة فيشرح صدرك ويثبت لسانك فلا تقضي إلا بالحق ( فلا تقضين ) : أي للأول من الخصمين ( فإنه ) أي ما ذكر من كيفية القضاء ( أحرى ) : أي حري وجدير وحقيق ( أن يتبين لك القضاء ) : أي وجهه ( قال ) : أي علي رضي الله عنه ( أو ما شككت في قضاء ) : شك من الراوي ( بعد ) : أي بعد دعائه وتعليمه صلى الله عليه وسلم .

                                                                      والحديث دليل على أنه يحرم على الحاكم أن يحكم قبل سماع حجة كل واحد من الخصمين واستفصال ما لديه والإحاطة بجميعه . قال القاضي الشوكاني : فإذا قضى قبل السماع من أحد الخصمين كان حكمه باطلا فلا يلزم قبوله ، بل يتوجه عليه نقضه ويعيده على وجه الصحة أو يعيده حاكم آخر انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي مختصرا ، وقال : حديث حسن .




                                                                      الخدمات العلمية