الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرع ]

                                                          فرع : فرع كل شيء : أعلاه ، والجمع فروع ، لا يكسر على غير ذلك . وفي حديث افتتاح الصلاة : كان يرفع يديه إلى فروع أذنيه أي أعاليها . وفرع كل شيء : أعلاه . وفي حديث قيام رمضان : فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر ; ومنه حديث ابن ذي المشعار : على أن لهم فراعها ; الفراع : ما علا من الأرض وارتفع ; ومنه حديث عطاء : وسئل من أين أرمي الجمرتين ؟ فقال : تفرعهما أي تقف على أعلاهما وترميهما . وفي الحديث : أي الشجر أبعد من الخارف ؟ قالوا : فرعها ، قال : وكذلك الصف الأول ; وقوله أنشده ثعلب :


                                                          من المنطيات الموكب المعج بعدما يرى في فروع المقلتين نضوب



                                                          إنما يريد أعاليهما . وقوس فرع : عملت من رأس القضيب وطرفه . الأصمعي : من القسي القضيب والفرع ، فالقضيب التي عملت من طرف واحد غير مشقوق ، والفرع التي عملت من طرف القضيب . وقال أبو حنيفة : الفرع من خير القسي . يقال : قوس فرع وفرعة ; قال أوس :


                                                          على ضالة فرع كأن نذيرها     إذا لم تخفضه عن الوحش أفكل



                                                          يقال : قوس فرع أي غير مشقوق ، وقوس فلق أي مشقوق وقال :

                                                          [ ص: 165 ]

                                                          أرمي عليها وهي فرع أجمع     وهي ثلاث أذرع وإصبع



                                                          وفرعت رأسه بالعصا أي علوته ، وبالقاف أيضا . وفرع الشيء يفرعه فرعا وفروعا وتفرعه : علاه . وقيل : تفرع فلان القوم علاهم ; قال الشاعر :


                                                          وتفرعنا من ابني وائل     هامة العز وجرثوم الكرم



                                                          وفرع فلان فلانا : علاه . وفرع القوم وتفرعهم : فاقهم ; قال :


                                                          تعيرني سلمى وليس بقضأة     ولو كنت من سلمى تفرعت دارما



                                                          والفرعة : رأس الجبل وأعلاه خاصة ، وجمعها فراع ; ومنه قيل : جبل فارع . ونقا فارع : عال أطول مما يليه . ويقال : ائت فرعة من فراع الجبل ، فانزلها وهي أماكن مرتفعة . وفارعة الجبل : أعلاه . يقال : انزل بفارعة الوادي واحذر أسفله . وتلاع فوارع : مشرفات المسايل ، وبذلك سميت المرأة فارعة . ويقال : فلان فارع . ونقا فارع : مرتفع طويل . والمفرع : الطويل من كل شيء . وفي حديث شريح : أنه كان يجعل المدبر من الثلث ، وكان مسروق يجعله الفارع من المال . والفارع : المرتفع العالي الهيئ الحسن . والفارع : العالي . والفارع المستفل . وفي الحديث : أعطى يوم حنين فارعة من الغنائم أي مرتفعة صاعدة من أصلها قبل أن تخمس . وفرعة الجلة : أعلاها من التمر . وكتف مفرعة : عالية مشرفة عريضة . ورجل مفرع الكتف أي عريضها ، وقيل مرتفعها ، وكل عال طويل مفرع . وفي حديث ابن زمل : يكاد يفرع الناس طولا أي يطولهم ويعلوهم ، ومنه حديث سودة : كانت تفرع الناس طولا . وفرعة الطريق وفرعته وفرعاؤه وفارعته ، كله : أعلاه ومنقطعه ، وقيل : ما ظهر منه وارتفع ، وقيل : فارعته حواشيه . والفروع : الصعود . وفرعت رأس الجبل : علوته . وفرع رأسه بالعصا والسيف فرعا : علاه . ويقال : هو فرع قومه للشريف منهم . وفرعت قومي أي علوتهم بالشرف أو بالجمال . وأفرع فلان : طال وعلا . وأفرع في قومه وفرع : طال ; قال لبيد :


                                                          فأفرع بالرباب يقود بلقا     مجنبة تذب عن السخال



                                                          شبه البرق بالخيل البلق في أول الناس . وتفرع القوم : ركبهم بالشتم ونحوه . وتفرعهم : تزوج سيدة نسائهم وعلياهن . يقال : تفرعت ببني فلان تزوجت في الذروة منهم والسنام ، وكذلك تذريتهم وتنصيتهم . وفرع وأفرع : صعد وانحدر . قال رجل من العرب : لقيت فلانا فارعا مفرعا ; يقول : أحدنا مصعد والآخر منحدر ; قال الشماخ في الإفراع بمعنى الانحدار :


                                                          فإن كرهت هجائي فاجتنب سخطي     لا يدركنك إفراعي وتصعيدي



                                                          إفراعي انحداري ; ومثله لبشر :


                                                          إذا أفرعت في تلعة أصعدت بها     ومن يطلب الحاجات يفرع ويصعد



                                                          وفرعت في الجبل تفريعا أي انحدرت ، وفرعت في الجبل : صعدت ، وهو من الأضداد . وروى الأزهري عن أبي عمرو : فرع الرجل في الجبل إذا صعد فيه ، وفرع إذا انحدر . وحكى ابن بري عن أبي عبيد : أفرع في الجبل صعد ، وأفرع منه نزل ; قال معن بن أوس في التفريع بمعنى الانحدار :


                                                          فساروا فأما جل حيي ففرعوا     جميعا وأما حي دعد فصعدوا



                                                          قال شمر : وأفرع أيضا بالمعنيين ، ورواه فأفرعوا أي انحدروا ; قال ابن بري : وصواب إنشاد هذا البيت : فصعدا لأن القافية منصوبة ; وبعده :


                                                          فهيهات ممن بالخورنق داره     مقيم وحي سائر قد تنجدا



                                                          وأنشد ابن بري بيتا آخر في الإصعاد :


                                                          إني امرؤ من يمان حين تنسبني     وفي أمية إفراعي وتصويبي



                                                          قال : والإفراع هنا الإصعاد لأنه ضمه إلى التصويب وهو الانحدار . وفرعت إذا صعدت ، وفرعت إذا نزلت . قال ابن الأعرابي : فرع وأفرع صعد وانحدر ، من الأضداد ; قال عبد الله بن همام السلولي :


                                                          فإما تريني اليوم مزجي ظعينتي     أصعد سرا في البلاد وأفرع



                                                          وفرع ، بالتخفيف : صعد وعلا ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          أقول وقد جاوزن من صحن رابغ     صحاصح غبرا يفرع الأكم آلها



                                                          وأصعد في لؤمه وأفرع أي انحدر . وبئس ما أفرع به أي ابتدأ . ابن الأعرابي : أفرع هبط ، وفرع صعد . والفرع والفرعة ، بفتح الراء : أول نتاج الإبل والغنم ، وكان أهل الجاهلية يذبحونه لآلهتهم يتبرعون بذلك فنهي عنه المسلمون ، وجمع الفرع فرع ; أنشد ثعلب :


                                                          كغري أجسدت رأسه     فرع بين رئاس وحام



                                                          رئاس وحام : فحلان . وفي الحديث : لا فرع ولا عتيرة . تقول : أفرع القوم إذا ذبحوا أول ولد تنتجه الناقة لآلهتهم . وأفرعوا : نتجوا . والفرع والفرعة : ذبح كان يذبح إذا بلغت الإبل ما يتمناه صاحبها ، وجمعهما فراع . والفرع : بعير كان يذبح في الجاهلية إذا كان للإنسان مائة بعير نحر منها بعيرا كل عام فأطعم الناس ولا يذوقه هو ولا أهله ، وقيل : إنه كان إذا تمت له إبله مائة قدم بكرا فنحره لصنمه ، وهو الفرع ; قال الشاعر :


                                                          إذ لا يزال قتيل تحت رايتنا     كما تشحط سقب الناسك الفرع



                                                          قد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإسلام ثم نسخ ; ومنه الحديث : فرعوا إن شئتم ولكن لا تذبحوه غراة حتى يكبر أي صغيرا لحمه كالغراة وهي القطعة من الغراء ; ومنه الحديث الآخر : أنه سئل عن الفرع فقال : حق ، وأن تتركه حتى يكون ابن مخاض أو ابن لبون خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره ، وقيل : الفرع طعام يصنع لنتاج الإبل كالخرس لولاد المرأة . والفرع : أن يسلخ جلد الفصيل فيلبسه آخر وتعطف عليه ناقة سوى أمه فتدر عليه ; قال أوس بن حجر يذكر [ ص: 166 ] أزمة في شدة برد :


                                                          وشبه الهيدب العبام من ال     أقوام سقبا مجللا فرعا



                                                          أراد مجللا جلد فرع ، فاختصر الكلام كقوله : واسأل القرية أي أهل القرية . ويقال : أفرع القوم إذا فعلت إبلهم ذلك . والهيدب : الجافي الخلقة الكثير الشعر من الرجال . والعبام : الثقيل . والفرع : المال الطائل المعد ; قال :


                                                          فمن واستبقى ولم يعتصر     من فرعه مالا ولا المكسر



                                                          أراد من فرعه فسكن للضرورة . والمكسر : ما تكسر من أصل ماله ، وقيل : إنما الفرع هاهنا الغصن فكنى بالفرع عن حديث ماله وبالمكسر عن قديمه ، وهو الصحيح . وأفرع الوادي أهله : كفاهم . وفارع الرجل : كفاه وحمل عنه ; قال حسان بن ثابت :


                                                          وأنشدكم والبغي مهلك أهله     إذا الضيف لم يوجد له من يفارعه



                                                          والفرع : الشعر التام . والفرع : مصدر الأفرع وهو التام الشعر . وفرع الرجل يفرع فرعا وهو أفرع : كثر شعره . والأفرع : ضد الأصلع ، وجمعهما فرع وفرعان . وفرع المرأة : شعرها وجمعه فروع . وامرأة فارعة وفرعاء طويلة الشعر ولا يقال للرجل إذا كان عظيم اللحية ، والجمة أفرع ، وإنما يقال رجل أفرع لضد الأصلع ، وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أفرع ذا جمة . وفي حديث عمر : قيل الفرعان أفضل أم الصلعان ؟ فقال : الفرعان ، قيل : فأنت أصلع ; الأفرع : الوافي الشعر ، وقيل : الذي له جمة . وتفرعت أغصان الشجرة أي كثرت . والفرعة : جلدة تزاد في القربة إذا لم تكن وفراء تامة . وأفرع به : نزل . وأفرعنا بفلان فما أحمدناه أي نزلنا به . وأفرع بنو فلان أي انتجعوا في أول الناس . وفرع الأرض وأفرعها وفرع فيها جول فيها وعلم علمها وعرف خبرها ، وفرع بين القوم يفرع فرعا : حجز وأصلح ، وفي الحديث : أن جاريتين جاءتا تشتدان إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي فأخذتا بركبتيه ففرع بينهما أي حجز وفرق ; ويقال منه : فرع يفرع أيضا ، وفرع بين القوم وفرق بمعنى واحد . وفي الحديث عن أبي الطفيل قال : كنت عند ابن عباس فجاءه بنو أبي لهب يختصمون في شيء بينهم فاقتتلوا عنده في البيت ، فقام يفرع بينهم أي يحجز بينهم . وفي حديث علقمة : كان يفرع بين الغنم أي يفرق ، قال ابن الأثير : وذكره الهروي في القاف ، وقال : قال أبو موسى وهو من هفواته . والفارع : عون السلطان ، وجمعه فرعة ، وهو مثل الوازع . وأفرع سفره وحاجته : أخذ فيهما . وأفرعوا من سفرهم : قدموا وليس ذلك أوان قدومهم . وفرع فرسه يفرعه فرعا : كبحه وكفه وقدعه ; قال أبو النجم :


                                                          بمفرع الكتفين حر عطله     نفرعه فرعا ولسنا نعتله



                                                          شمر : استفرع القوم الحديث وافترعوه إذا ابتدءوه ; قال الشاعر يرثي عبيد بن أيوب :


                                                          ودلهتني بالحزن حتى تركتني     إذا استفرع القوم الأحاديث ساهيا



                                                          وأفرعت المرأة : حاضت . وأفرعها الحيض : أدماها . وأفرعت إذا رأت دما قبل الولادة . والإفراع : أول ما ترى الماخض من النساء أو الدواب دما . وأفرع لها الدم : بدا لها . وأفرع اللجام الفرس : أدماه ; قال الأعشى :


                                                          صددت عن الأعداء يوم عباعب     صدود المذاكي أفرعتها المساحل



                                                          المساحل : اللجم ، واحدها مسحل ; يعني أن المساحل أدمتها كما أفرع الحيض المرأة بالدم . وافترع البكر : اقتضها ، والفرعة دمها ، وقيل له افتراع لأنه أول جماعها ، وهذا أول صيد فرعه أي أراق دمه . قال يزيد بن مرة : من أمثالهم : أول الصيد فرع ، قال : وهو مشبه بأول النتاج . والفرع : القسم وخص به بعضهم الماء . وأفرع بسيد بني فلان : أخذ فقتل . وأفرعت الضبع في الغنم : قتلتها وأفسدتها ; أنشد ثعلب :


                                                          أفرعت في فراري     كأنما ضراري
                                                          أردت يا جعار



                                                          وهي أفسد شيء رئي . والفرار : الضأن ، وأما ما ورد في الحديث : لا يؤمنكم أنصر ولا أزن ولا أفرع ; الأفرع هاهنا : الموسوس . والفرعة : القملة العظيمة . وقيل : الصغيرة تسكن وتحرك ، وبتصغيرها سميت فريعة ، وجمعها فراع وفرع وفرع . والفراع : الأودية . والفوارع : موضع ، وفارع وفريع وفريعة وفارعة ، كلها : أسماء رجال . وفارعة : اسم امرأة . وفرعان : اسم رجل . ومنازل بن فرعان : من رهط الأحنف بن قيس . والأفرع : بطن من حمير . وفروع : موضع ; قال البريق الهذلي :


                                                          وقد هاجني منها بوعساء فروع     وأجزاع ذي اللهباء منزلة قفر



                                                          وفارع : حصن بالمدينة يقال إنه حصن حسان بن ثابت ; قال مقيس بن صبابة حين قتل رجلا من فهر بأخيه :


                                                          قتلت به فهرا وحملت عقله     سراة بني النجار أرباب فارع
                                                          وأدركت ثأري واضطجعت موسدا     وكنت إلى الأوثان أول راجع



                                                          والفارعان : اسم أرض ; قال الطرماح :


                                                          ونحن أجارت بالأقيصر هاهنا     طهية يوم الفارعين بلا عقد



                                                          والفرع : موضع وهو أيضا ماء بعينه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          تربع الفرع بمرعى محمود



                                                          وفي الحديث ذكر الفرع ، بضم الفاء وسكون الراء ، وهو موضع بين مكة والمدينة ، وفروع الجوزاء : أشد ما يكون من الحر ، قال أبو خراش :

                                                          [ ص: 167 ]

                                                          وظل لنا يوم كأن أواره     ذكا النار من نجم الفروع طويل



                                                          قال : وقرأته على أبي سعيد بالعين غير معجمة ; وقال أبو سعيد في قول الهذلي :


                                                          وذكرها فيح نجم الفرو     ع من صيهب الحر برد الشمال



                                                          قال : هي فروع الجوزاء بالعين ، وهو أشد ما يكون من الحر ، فإذا جاءت الفروغ ، بالغين ، وهي من نجوم الدلو كان الزمان حينئذ باردا ولا فيح يومئذ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية