الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر

                                                                      3605 حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا زكريا عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه وقدما بتركته ووصيته فقال الأشعري هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بدقوقاء ) بفتح الدال المهملة وضم القاف وسكون الواو بعدها قاف مقصورة وقد مدها بعضهم ، وهي بلد بين بغداد وإربل ، كذا في النيل ، وفي النسخ الحاضرة [ ص: 12 ] بالمد ( من أهل الكتاب ) يعني نصرانيين كما بين ذلك البيهقي وبين أن الرجل من خثعم ، ولفظه عن الشعبي : توفي رجل من خثعم فلم يشهد موته إلا رجلان نصرانيان ( وقدما بتركته ) أي : الرجل المسلم المتوفى ( فقال الأشعري ) أبو موسى ( بعد ) الأمر ( الذي كان ) ذلك الأمر ( في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) يشير أبو موسى إلى واقعة السهمي التي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                      ومراد أبي موسى أن بعد واقعة السهمي لم تكن واقعة مثلها إلا هذه الواقعة ، وهي وفاة رجل من المسلمين بدقوقا ، وشهادة رجلين من أهل الكتاب على وصيته ( فأحلفهما ) يقال في المتعدي : أحلفته إحلافا وحلفته تحليفا واستحلفته ( بعد العصر ) هذا يدل على جواز التغليظ بزمان من الأزمنة ( ولا بدلا ) بصيغة الماضي المعلوم من التبديل .

                                                                      قال الخطابي : في هذا دليل على أن شهادة أهل الذمة مقبولة على وصية المسلم في السفر خاصة وممن روي عنه أنه قبلها في مثل هذه الحالة شريح وإبراهيم النخعي ، وهو قول الأوزاعي ، وقال أحمد بن حنبل : لا تقبل شهادتهم إلا في مثل هذا الموضع للضرورة . [ ص: 13 ] وقال الشافعي : لا تقبل شهادة الذمي بوجه لا على مسلم ولا على كافر ، وهو قول مالك . وقال أحمد بن حنبل : لا يجوز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض . وقال أصحاب الرأي : شهادة بعضهم على بعض جائزة والكفر كله ملة واحدة ، وقال آخرون : شهادة اليهودي على اليهودي جائزة ولا تجوز على النصراني والمجوسي لأنها ملل مختلفة ، ولا تجوز شهادة أهل ملة على ملة أخرى وهذا قول الشعبي وابن أبي ليلى وإسحاق بن راهويه وحكي ذلك عن الزهري ، قال : وذلك للعداوة التي ذكر الله - سبحانه - بين هذه الفرق انتهى . والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية