الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فسد ]

                                                          فسد : الفساد : نقيض الصلاح ، فسد يفسد ويفسد وفسد فسادا وفسودا ، فهو فاسد وفسيد فيهما ، ولا يقال انفسد وأفسدته أنا . وقوله تعالى : ويسعون في الأرض فسادا نصب فسادا لأنه مفعول له أراد يسعون في الأرض للفساد . وقوم فسدى كما قالوا ساقط وسقطى ، قال سيبويه : جمعوه جمع هلكى لتقاربهما في المعنى . وأفسده هو واستفسد فلان إلى فلان . وتفاسد القوم : تدابروا وقطعوا الأرحام ; قال :


                                                          يمددن بالثدي في المجاسد إلى الرجال خشية التفاسد



                                                          يقول : يخرجن ثديهن يقلن : ننشدكم الله ألا حميتمونا ، يحرضن بذلك الرجال . واستفسد السلطان قائده إذا أساء إليه حتى استعصى عليه . والمفسدة : خلاف المصلحة . والاستفساد : خلاف الاستصلاح . وقالوا : هذا الأمر مفسدة لكذا أي فيه فساد ; قال الشاعر :


                                                          إن الشباب والفراغ والجده     مفسدة للعقل أي مفسده



                                                          وفي الخبر : أن عبد الملك بن مروان أشرف على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر فغاظه ذلك ، فقال : إيها عن ذكر عمر ! فإنه إزراء على الولاة مفسدة للرعية . وعدى إيها بعن لأن فيه معنى انتهوا . وقوله عز وجل : ظهر الفساد في البر والبحر الفساد هنا : الجدب في البر والقحط في البحر أي في المدن التي على الأنهار ; هذا قول الزجاجي . ويقال : أفسد فلان المال يفسده إفسادا وفسادا . والله لا يحب الفساد . وفسد الشيء إذا أباره ; وقال ابن جندب :


                                                          وقلت لهم قد أدركتكم كتيبة     مفسدة الأدبار ما لم تخفر



                                                          أي إذا شدت على قوم قطعت أدبارهم ما لم تخفر الأدبار أي لم تمنع . وفي الحديث : كره عشر خلال منها إفساد الصبي غير محرمه ; هو أن يطأ المرأة المرضع فإذا حملت فسد لبنها وكان من ذلك فساد الصبي وتسمى الغيلة ; وقوله غير محرمه أي أنه كرهه ولم يبلغ به حد التحريم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية