الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الرجلين يدعيان شيئا وليست لهما بينة

                                                                      3613 حدثنا محمد بن المنهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى الأشعري أن رجلين ادعيا بعيرا أو دابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليست لواحد منهما بينة فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما حدثنا الحسن بن علي حدثنا يحيى بن آدم حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد بإسناده ومعناه حدثنا محمد بن بشار حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة بمعنى إسناده أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبعث كل واحد منهما شاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين [ ص: 32 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 32 ] ( ليست لواحد منهما بينة ) قال في فتح الودود : أي : بعينه بل لهما أو لا بينة أصلا ( فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما ) أي : قسمه بينهما نصفين . [ ص: 33 ] قال الخطابي : يشبه أن يكون هذا البعير أو الدابة كان في أيديهما معا فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما لاستوائهما في الملك باليد ولولا ذلك لم يكونا بنفس الدعوى يستحقانه لو كان الشيء في يد غيرهما انتهى .

                                                                      قال القاري : أو في يد غير منازع لهما انتهى . قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه .

                                                                      ( فبعث كل واحد منهما شاهدين ) أي : أقامهما ( فقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما نصفين ) قال ابن رسلان : يحتمل أن تكون القصة في حديث أبي موسى الأول والثاني واحدة إلا أن البينتين لما تعارضتا تساقطتا وسارتا كالعدم ، ويحتمل أن يكون أحدهما في عين كانت في يديهما والآخر كانت العين في يد ثالث لا يدعيها ، بدليل ما وقع في رواية للنسائي : " ادعيا دابة وجداها عند رجل فأقام كل واحد منهما شاهدين نزعت من يد الثالث ودفعت إليهما " قال وهذا أظهر ، لأن حمل الإسنادين على معنيين متعددين أرجح من حملهما على معنى واحد ، لأن القاعدة ترجيح ما فيه زيادة علم على غيره انتهى .

                                                                      وقال الخطابي : وهذا الحديث مروي بالإسناد الأول إلا أن في الحديث المتقدم أنه لم يكن لواحد منهما بينة وفي هذا أن كل واحد منهما قد جاء بشاهدين فاحتمل أن يكون القصة واحدة إلا أن الشهادات لما تعارضت تساقطت فصارا كمن لا بينة له ، وحكم لهما بالشيء نصفين بينهما لاستوائهما في اليد ، ويحتمل أن يكون البعير في يد غيرهما فلما أقام كل واحد منهما شاهدين على دعواه نزع الشيء من يد المدعى عليه ودفع إليهما .

                                                                      [ ص: 34 ] واختلف العلماء في الشيء يكون في يدي الرجل فيتداعاه اثنان ويقيم كل واحد منهما بينة ، فقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه : يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة صار له ، وكان الشافعي يقول به قديما ثم قال في الجديد : فيه قولان أحدهما يقضى به بينهما نصفين ، وبه قال أصحاب الرأي وسفيان الثوري ، والقول الآخر يقرع بينهما وأيهما خرج سهمه حلف لقد شهد شهوده بحق ثم يقضى له به . وقال مالك : لا أحكم به لواحد منهما إذا كان في يد غيرهما ، وحكي عنه أنه قال هو لأعدلهما شهودا وأشهرهما بالصلاح . وقال الأوزاعي : يؤخذ بأكثر البينتين عددا . وحكي عن الشعبي أنه قال : هو بينهما على حصص الشهود . انتهى كلام الخطابي .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وقال هذا خطأ ، ومحمد بن كثير هذا هو المصيصي وهو صدوق إلا أنه كثير الخطأ ، وذكر أنه خولف في إسناده ومتنه . هذا آخر كلامه ولم يخرجه أبو داود من حديث محمد بن كثير وإنما خرجه بإسناد رجاله كلهم ثقات .




                                                                      الخدمات العلمية