الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فظظ ]

                                                          فظظ : الفظ : الخشن الكلام ، وقيل : الفظ الغليظ ; قال الشاعر رؤبة :


                                                          لما رأينا منهم مغتاظا تعرف منه اللؤم والفظاظا



                                                          والفظظ : خشونة في الكلام . ورجل فظ : ذو فظاطة جاف غليظ في منطقه غلظ وخشونة . وإنه لفظ بظ : إتباع ; حكاه ثعلب ولم يشرح بظا ; قال ابن سيده : فوجهناه على الإتباع ، والجمع أفظاظ ; قال الراجز أنشده ابن جني :


                                                          حتى ترى الجواظ من فظاظها     مذلوليا بعد شذا أفظاظها



                                                          وقد فظظت ، بالكسر ، تفظ فظاظة وفظظا ، والأول أكثر لثقل التضعيف ، والاسم الفظاظة والفظاظ ; قال :


                                                          حتى ترى الجواظ من فظاظها



                                                          ويقال : رجل فظ بين الفظاظة والفظاظ والفظظ ; قال رؤبة :

                                                          [ ص: 200 ]

                                                          تعرف منه اللؤم والفظاظا



                                                          وأفظظت الرجل وغيره : رددته عما يريد . وإذا أدخلت الخيط في الخرت ، فقد أفظظته ; عن أبي عمرو . والفظ : ماء الكرش يعتصر فيشرب منه عند عوز الماء في الفلوات ، وبه شبه الرجل الفظ الغليظ لغلظه . وقال الشافعي : إن افتظ رجل كرش بعير نحره فاعتصر ماءه وصفاه لم يجز أن يتطهر به ، وقيل : الفظ الماء يخرج من الكرش لغلظ مشربه ، والجمع فظوظ قال :


                                                          كأنهم إذ يعصرون فظوظها     بدجلة أو ماء الخريبة مورد



                                                          أراد أو ماء الخريبة مورد لهم ; يقول : يستبيلون خيلهم ليشربوا أبوالها من العطش ، فإذا الفظوظ هي تلك الأبوال بعينها . وفظه وافتظه : شق عنه الكرش أو عصره منها ، وذلك في المفاوز عند الحاجة إلى الماء ; قال الراجز :


                                                          بجك كرش الناب لافتظاظها



                                                          الصحاح : الفظ ماء الكرش ; قال حسان بن نشبة :


                                                          فكونوا كأنف الليث لا شم مرغما     ولا نال فظ الصيد حتى يعفرا



                                                          يقول : لا يشم ذلة فترغمه ولا ينال من صيده لحما حتى يصرعه ويعفره لأنه ليس بذي اختلاس كغيره من السباع . ومنه قولهم : افتظ الرجل ، وهو أن يسقي بعيره ثم يشد فمه لئلا يجتر ، فإذا أصابه عطش شق بطنه فقطر فرثه فشربه . والفظيظ : ماء المرأة أو الفحل زعموا ، وليس بثبت ; وأما كراع فقال : الفظيظ ماء الفحل في رحم الناقة ، وفي المحكم : ماء الفحل ; قال الشاعر يصف القطا وأنهن يحملن الماء لفراخهن في حواصلهن :


                                                          حملن لها مياها في الأداوى     كما يحملن في البيظ الفظيظا



                                                          والبيظ : الرحم . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، رجل فظ أي سيء الخلق . وفلان أفظ من فلان أي أصعب خلقا وأشرس . والمراد هاهنا شدة الخلق وخشونة الجانب ، ولم يرد بهما المفاضلة في الفظاظة والغلظة بينهما ويجوز أن يكون للمفاضلة ولكن فيما يجب من الإنكار والغلظة على أهل الباطل ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان رءوفا رحيما ، كما وصفه الله تعالى ، رفيقا بأمته في التبليغ غير فظ ولا غليظ ; ومنه أن صفته في التوراة : ليس بفظ ولا غليظ . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها ، قالت لمروان : إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن أباك وأنت فظاظة من لعنة الله ، بظاءين ، من الفظيظ وهو ماء الكرش ; قال ابن الأثير : وأنكره الخطابي . وقال الزمخشري : أفظظت الكرش اعتصرت ماءها ، كأنه عصارة من اللعنة أو فعالة من الفظيظ ماء الفحل أي نطفة من اللعنة ، وقد روي فضض من لعنة الله ، بالضاد ، وقد تقدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية