الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فلن ]

                                                          فلن : فلان وفلانة : كناية عن أسماء الآدميين . والفلان والفلانة : كناية عن غير الآدميين . تقول العرب : ركبت الفلان وحلبت الفلانة . ابن السراج : فلان كناية عن اسم سمي به المحدث عنه ، خاص غالب . ويقال في النداء : يا فل فتحذف منه الألف والنون لغير ترخيم ، ولو كان ترخيما لقالوا يا فلا ، قال : وربما جاء ذلك في غير النداء ضرورة ; قال أبو النجم :


                                                          في لجة أمسك فلانا عن فل



                                                          واللجة : كثرة الأصوات ، ومعناه أمسك فلانا عن فلان . وفلان وفلانة : كناية عن الذكر والأنثى من الناس ، قال : ويقال في غير الناس الفلان والفلانة بالألف واللام . الليث : إذا سمي به إنسان لم يحسن فيه الألف واللام . يقال : هذا فلان آخر لأنه لا نكرة له ، ولكن العرب إذا سموا به الإبل قالوا هذا الفلان وهذه الفلانة ، فإذا نسبت قلت فلان الفلاني ، لأن كل اسم ينسب إليه فإن الياء التي تلحقه تصيره نكرة ، وبالألف واللام يصير معرفة في كل شيء . ابن السكيت : تقول لقيت فلانا ، إذا كنيت عن الآدميين قلته بغير ألف ولام ، وإذا كنيت عن البهائم قلته بالألف واللام ; وأنشد في ترخيم فلان :


                                                          وهو إذا قيل له ويها فل فإنه أحج به أن ينكل     وهو إذا قيل له ويها كل فإنه مواشك مستعجل



                                                          وقال الأصمعي فيما رواه عنه أبو تراب : يقال قم يا فل ويا فلاه ، فمن قال يا فل فمضى فرفع بغير تنوين فقال قم يا فل ; وقال الكميت :


                                                          يقال لمثلي ويها فل



                                                          ومن قال : يا فلاه فسكت أثبت الهاء فقال قل ذلك يا فلاه ، وإذا مضى قال يا فلا قل ذلك ، فطرح ونصب . وقال المبرد : قولهم يا فل ليس بترخيم ، ولكنها كلمة على حدة . ابن بزرج : يقول بعض بني أسد يا فل أقبل ويا فل أقبلا ويا فل أقبلوا ، وقالوا للمرأة فيمن قال يا فل أقبل : يا فلان أقبلي ، وبعض بني تميم يقول يا فلانة أقبلي ، وبعضهم يقول يا فلاة أقبلي . وقال غيرهم : يقال للرجل يا فل أقبل ، وللاثنين يا فلان ، ويا فلون للجمع أقبلوا ، وللمرأة يا فل أقبلي ، ويا فلتان ويا [ ص: 225 ] فلات أقبلن ، نصب في الواحدة لأنه أراد يا فلة ، فنصبوا الهاء . وقال ابن بري : فلان لا يثنى ولا يجمع . وفي حديث القيامة : يقول الله عز وجل أي فل ألم أكرمك وأسودك ؟ معناه يا فلان ، قال : وليس ترخيما لأنه لا يقال إلا بسكون اللام ، ولو كان ترخيما لفتحوها أو ضموها ; قال سيبويه : ليست ترخيما ، وإنما هي صيغة ارتجلت في باب النداء ، وقد جاء في غير النداء ; وأنشد :


                                                          في لجة أمسك فلانا عن فل



                                                          فكسر اللام للقافية . قال الأزهري : ليس بترخيم فلان ، ولكنها كلمة على حدة ، فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين ، والجمع والمؤنث بلفظ واحد ، وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث ، وقال قوم : إنه ترخيم فلان فحذفت النون للترخيم ، والألف لسكونها ، وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم . وفي حديث أسامة في الوالي الجائر : يلقى في النار فتندلق أقتابه فيقال له : أي فل أين ما كنت تصف . وقوله عز وجل : ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا قال الزجاج : لم أتخذ فلانا الشيطان خليلا ، قال : وتصديقه : وكان الشيطان للإنسان خذولا قال : ويروى أن عقبة بن أبي معيط هو الظالم هاهنا ، وأنه كان يأكل يديه ندما ، وأنه كان عزم على الإسلام فبلغ أمية بن خلف فقال له أمية : وجهي من وجهك حرام إن أسلمت وإن كلمتك أبدا ، فامتنع عقبة من الإسلام ، فإذا كان يوم القيامة أكل يديه ندما ، وتمنى أنه آمن واتخذ مع الرسول إلى الجنة سبيلا ، ولم يتخذ أمية بن خلف خليلا ، ولا يمتنع أن يكون قبوله من أمية من عمل الشيطان وإغوائه . وفل بن فل : محذوف ، فأما سيبويه فقال : لا يقال فل ; يعني به فلان إلا في الشعر كقوله :


                                                          في لجة أمسك فلانا عن فل



                                                          وأما يا فل التي لم تحذف من فلان ، فلا يستعمل إلا في النداء ، قال : وإنما هو كقولك يا هناه ، ومعناه يا رجل . وفلان : اسم رجل . وبنو فلان : بطن نسبوا إليه ، وقالوا في النسب الفلاني كما قالوا الهني ، يكنون به عن كل إضافة . الخليل : فلان تقديره فعال وتصغيره فلين ، قال : وبعض يقول هو في الأصل فعلان حذفت منه واو ، قال : وتصغيره على هذا القول فليان ، وكالإنسان حذفت منه الياء أصله إنسيان ، وتصغيره أنيسيان ، قال : وحجة قولهم فل ابن فل كقولهم هي بن بي وهيان بن بيان . وروي عن الخليل أنه قال : فلان نقصانه ياء أو واو من آخره ، والنون زائدة ، لأنك تقول في تصغيره فليان ، فيرجع إليه ما نقص وسقط منه ، ولو كان فلان مثل دخان لكان تصغيره فلين مثل دخين ، ولكنهم زادوا ألفا ونونا على فل ; وأنشد لأبي النجم :

                                                          إذ غضبت بالعطن المغربل تدافع الشيب ولما تقتل في لجة وأمسك فلانا عن فل

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية