الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه

                                                                      3755 حدثنا موسى بن إسمعيل أخبرنا حماد عن سعيد بن جمهان عن سفينة أبي عبد الرحمن أن رجلا أضاف علي بن أبي طالب فصنع له طعاما فقالت فاطمة لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا فدعوه فجاء فوضع يده على عضادتي الباب فرأى القرام قد ضرب به في ناحية البيت فرجع فقالت فاطمة لعلي الحقه فانظر ما رجعه فتبعته فقلت يا رسول الله ما ردك فقال إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتا مزوقا [ ص: 180 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 180 ] 8 - باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه

                                                                      هكذا في بعض النسخ وفي بعضها باب الرجل يدعى فيرى مكروها .

                                                                      ( أن رجلا ضاف علي بن أبي طالب ) أي : صار ضيفا له يقال ضافه ضيف أي : نزل عنده ، وأضفته وضيفته إذا أنزلته . قال ثعلب : ضفته إذا نزل به ضيف ( فصنع ) أي : علي ( له ) أي : للضيف ، وفي بعض النسخ أن رجلا أضاف أي : بزيادة الألف . قال في المصباح : ضافه ضيفا إذا نزل به وأنت ضيف عنده وأضفته بالألف إذا أنزلته عليك ضيفا ، انتهى . وفي النهاية : ضفت الرجل إذا نزلت به في ضيافته ، وأضفته إذا أنزلته ، انتهى .

                                                                      والمعنى أي : صنع الرجل طعاما وأهدى إلى علي لا أنه دعا عليا إلى بيته ، ذكره الطيبي ( لو دعونا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : لكان أحسن وأبرك أو لو للتمني ( على عضادتي الباب ) بكسر العين وهما الخشبتان المنصوبتان على جنبتيه ( فرأى القرام ) بكسر القاف وهو ثوب رقيق من صوف فيه ألوان من العهون ورقوم ونقوش يتخذ سترا يغشى به الأقمشة والهوادج ، كذا في المرقاة .

                                                                      وفي المصباح : القرام مثل كتاب الستر الرقيق ، وبعضهم يزيد وفيه رقم ونقوش ، انتهى ( قد ضرب ) أي : نصب ( ما أرجعه ) كذا في النسخ من أرجع الشيء رجعا أي : ما رده ، وفي بعض النسخ ما رجعه من رجع رجعا أي : صرف ورد .

                                                                      قال في القاموس : رجع رجوعا انصرف والشيء عن الشيء وإليه رجعا صرفه ورده كأرجعه ، انتهى .

                                                                      وفي المصباح : رجع من سفره وعن الأمر يرجع رجعا ورجوعا ورجعى بضم وسكون [ ص: 181 ] هو نقيض الذهاب ، ويتعدى بنفسه في اللغة الفصحى فيقال : رجعت عن الشيء وإليه ، ورجعت الكلام وغيره أي : رددته وبها جاء القرآن . قال تعالى : فإن رجعك الله وهذيل تعديه بالألف ، انتهى ( فتبعته ) التفات من الغيبة إلى التكلم .

                                                                      وعند أحمد قالت فاطمة فتبعته ( فقال إنه ) أي : الشأن ( بيتا مزوقا ) بتشديد الواو المفتوحة أي : مزينا بالنقوش . وأصل التزويق التمويه .

                                                                      قال الخطابي : وتبعه ابن الملك : كان ذلك مزينا منقشا . وقيل : لم يكن منقشا ولكن ضرب مثل حجلة العروس ستر به الجدار ، وهو رعونة يشبه أفعال الجبابرة ، وفيه تصريح بأنه لا يجاب دعوة فيها منكر ، كذا في المرقاة .

                                                                      وقال الحافظ في الفتح : ويفهم من الحديث أن وجود المنكر في البيت مانع عن الدخول فيه .

                                                                      قال ابن بطال : فيه أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله ورسوله عنه لما في ذلك من إظهار الرضى بها ، ونقل مذاهب القدماء في ذلك ، وحاصله إن كان هناك محرم وقدر على إزالته فأزاله فلا بأس ، وإن لم يقدر فيرجع .

                                                                      وقال صاحب الهداية من الحنفية : لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يكن يقتدى به ، فإن كان ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين ، وفتح باب المعصية ، قال : وهذا كله بعد الحضور ، وإن علم قبله لم يلزمه الإجابة ، انتهى مختصرا .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه ، وفي إسناده سعيد بن جمهان أبو حفص الأسلمي البصري ، قال يحيى بن معين : ثقة ، وقال أبو حاتم الرازي : شيخ يكتب حديثه ولا يحتج بحديثه .




                                                                      الخدمات العلمية