الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وابن سينا كان من الملاحدة، وكان أبوه من دعاتهم، [ ص: 140 ] وذكر هو أنه بسبب ذلك اشتغل فيما اشتغل به من علوم الفلاسفة الصابئة الأوائل، فإن أصول الملاحدة مبنية على ما أخذوه من هؤلاء الصابئة وما أخذوه من المجوس. وهؤلاء الصابئة المبتدعون يقولون: إن العالم متولد عن الله، والمجوس يجعلون له شريكا في خلقه. فالطائفتان كما قال تعالى: وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم [الأنعام: 100] وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك [الإسراء 111] وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فإن المجوس تجعل إبليس وهو أصل الظلمة هو شريك النور في التخليق، فيجعلون الجن شركاءه. وليس هذا موضع بسط ذلك، ولكن ننبه على أن كتاب الله لما كان دعوة لجميع الخلق ففيه تفصيل كل شيء، وهو [ ص: 141 ] الحاكم بين جميع الناس فيما اختلفوا فيه.

ولهذا أراد النصير الطوسي ونحوه من ملاحدة المسلمين واليهود على أن يضعوا للدولة الكافرة المشركة الجاهلة دولة هولاكو عقيدة، واتفقوا على أن تكون عقيدة ابن سينا، ولهذا كانت الملاحدة تميل إلى هؤلاء المشركين كثيرا، وكان ملكهم هولاكو يقرب الملاحدة ويستعين بهم على المسلمين لما عرف مباينتهم في الباطل للإسلام وأهله، مع منافقتهم لهم [ ص: 142 ] في الظاهر.

التالي السابق


الخدمات العلمية