الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب

الشفعة مناسبته تملك مال الغير بغير رضاه ( هي ) لغة : الضم وشرعا ( تمليك البقعة جبرا على المشتري [ ص: 217 ] بما قام عليه ) بمثله لو مثليا وإلا فبقيمته ( وسببها اتصال ملك الشفيع بالمشترى ) بشركة أو جوار .

التالي السابق


كتاب الشفعة ( قوله مناسبته إلخ ) أي مناسبته للغصب ولم يذكر وجه تقديمه عليها مع أنها مشروعة بخلافه ، وهو كثرة وقوعه وأنه قد يدخل في العقار والمنقول ، بخلافها لما قال في السعدية إن بيان وجه تأخيره عن المأذون يغني عنه ( قوله هي لغة الضم ) قال الزيلعي : مأخوذة من الشفع ، وهو الضم ضد الوتر ومنه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمذنبين لأنه يضمهم بها إلى الفائزين يقال : شفع الرجل شفعا إذا كان فردا فصار ثانيا ، والشفيع يضم المأخوذ إلى ملكه فلذلك سمي شفعة ا هـ . وفي القهستاني : هي لغة فعلة بالضم بمعنى المفعول اسم للملك المشفوع بملك ا هـ وأفاد في المغرب استعمالها في المعنيين وأنه لم يسمع من الشفعة فعل ، وأما قولهم : الدار التي يشفع بها فمن استعمال الفقهاء ( قوله وشرعا تمليك البقعة ) الأولى ما وقع في الكنز وغيره تملك ، لأنه من أوصاف الشفيع ، وهو مالك لا مملك بل الأولى ما في غاية البيان أنها عبارة عن حق التملك ، إذ لولا هذا المضاف كما قال قاضي زاده في تكملة الفتح لزم أن لا يكون لقوله وتستقر بالإشهاد صحة ، لأن التملك لا يوجد بدون القضاء أو الرضا ، وأيضا فإن حكمها جواز الطلب وحكم الشيء يعقبه أو يقارنه ، فلو حصل التملك قبل الطلب لزم تحصيل الحاصل ، والمراد البقعة أو بعضها ليشمل ما إذا اشتراها أحد شفعائها كما سيأتي

( قوله جبرا على المشتري ) ليس للاحتراز عما لو رضي بذلك ، بل لأن الغالب عدم رضاه [ ص: 217 ] كما أشار إليه القهستاني أبو السعود ، وأفاد ابن الكمال أن المراد به عدم اعتبار الاختيار ، لا أنه يعتبر عدم الاختيار واحترز بقوله : على مشتريه عما ملكه بلا عوض كما بالهبة والإرث والصدقة أو بعوض غير عين كالمهر . والإجارة والخلع والصلح عن دم عمد ، ودخل فيه ما وهب بعوض فإنه اشتراء انتهاء قهستاني . وبه ظهر أنه ليس الأولى تركه بل زيادة البائع ، لأنه قد يكون جبرا عليه إذا أقر بالبيع ، وأنكر المشتري . وفي الفتاوى الصغرى الشفعة : تعتمد زوال الملك عن البائع لا على ثبوته للمشتري ولذا تثبت إذا باع بشرط الخيار للمشتري ا هـ فافهم ( قوله بما قام عليه ) يعني حقيقة أو حكما كما سيأتي في الخمر وغيره طوري . والمراد ما لزم المشتري من المؤن بالشراء وبه يعلم ما في كلام العيني كصاحب الدرر من القصور حيث قال بما أي بالثمن الذي قام عليه ، فلو أبقى المتن على عمومه لكان أولى أبو السعود ( قوله وسببها إلخ ) قال الطوري : وسببها دفع الضرر الذي ينشأ من سوء المجاورة على الدوام من حيث إيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار ا هـ . والظاهر أنه سبب المشروعية ، وما ذكره المصنف سبب الأخذ تأمل لا يقال ما ذكر ضرر موهوم ، والأخذ من المشتري ضرر محقق به لأنا نقول هو غالب فيرفع قبل وقوعه وإلا فربما لا يمكن رفعه وما أحسن ما قيل :

كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع وما نرى أحدا لم يؤذه بشر

( قوله بالمشترى ) بفتح الراء

( قوله بشركة أو جوار ) متعلق باتصال وشمل الشركة في البقعة والشركة في الحقوق كما يأتي ، وشمل قليل الشركة وكثيرها كالجوار نبه عليه الأتقاني ط




الخدمات العلمية