الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 205 ] مسألة ; قال أبو القاسم ، رحمه الله : ( وإذا هلك رجل ، وخلف ولدين ومائتي درهم ، فأقر أحدهما بمائة درهم دينا على أبيه لأجنبي ، دفع إلى المقر له نصف ما في يده من إرثه عن أبيه ، إلا أن يكون المقر عدلا ، فيشاء الغريم أن يحلف مع شهادة الابن ، ويأخذ مائة ، وتكون المائة الباقية بين الابنين ) هذه المسألة في الإقرار من بعض الورثة ، وقد ذكرناها في باب الإقرار ، وأنه إنما يلزم المقر من الدين بقدر ميراثه منه ، وميراثه هاهنا النصف ، فيكون عليه نصف الدين ; وهو نصف المائة ، ونصفها الباقي يشهد به على أخيه ، فإن كان عدلا ، فشاء الغريم حلف مع شهادته ، واستحق الباقي ; لأنه لا تهمة في حق الابن المقر ، فإنه لا يجر إلى نفسه بهذه الشهادة ، نفعا ، ولا يدفع بها ضرا .

                                                                                                                                            وإن شهد أجنبي مع الوارث المقر ، كملت الشهادة ، وحكم للمدعي بما شهدا به له ، إذا كانا عدلين ، وأديا الشهادة بلفظ الشهادة ، ولا يكتفى بلفظ الإقرار في الشهادة ; لما ذكرنا من قبل . وإن كان الإقرار من اثنين من الورثة عدلين ; مثل أن يخلف ثلاثة بنين ، فيقر اثنان منهم بالدين ، ويشهدا به ، فإن شهادتهما تقبل ، ويثبت باقي الدين في حق المنكر . وبهذا كله قال الحسن ، والشعبي ، والشافعي ، وابن المنذر . وقال حماد ، وأصحاب الرأي : المقر به كله في نصيب المقر .

                                                                                                                                            وهو قول الشعبي ، وعلى هذا ينبغي أن لا تقبل شهادة المقر بالدين ; لأنه يجر بشهادته نفعا إلى نفسه ، وهو إسقاط بعض ما أقر به عن نفسه . والإقرار بوصية تخرج من الثلث ، كالإقرار بالدين ، فيما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية