الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما قدروا الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : وما قدروا الله حق قدره قال : هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم ، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره ، ومن لم يؤمن بذلك فلم يؤمن بالله حق قدره ، إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء يعني من بني إسرائيل ، قالت اليهود : يا محمد أنزل الله عليك كتابا ؟ قال : نعم ، قالوا : والله ما أنزل الله من السماء كتابا ، فأنزل الله ( قل ) يا محمد من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس [ ص: 126 ] إلى قوله ولا آباؤكم قل الله أنزله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب في قوله : وما قدروا الله حق قدره قال : وما علموا كيف هو حيث كذبوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي ، عن أبي مالك في قوله : وما قدروا الله حق قدره قال : ما عظموه حق عظمته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قال : قالها مشركو قريش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي في قوله : إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قال : قال فنحاص اليهودي : ما أنزل الله على محمد من شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة في قوله : إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قال : نزلت في مالك بن الصيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف فخاصم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له [ ص: 127 ] النبي صلى الله عليه وسلم : أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين - وكان حبرا سمينا - فغضب وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء ، فقال له أصحابه : ويحك ، ولا على موسى ! قال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب فقالوا : يا أبا القاسم ألا تأتينا بكتاب من السماء كما جاء به موسى ألواحا ؟ فأنزل الله تعالى : يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء الآية [النساء : 153] ، فجثا رجل من اليهود فقال : ما أنزل الله عليك ولا على موسى ، ولا على عيسى ، ولا على أحد شيئا ، فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن محمد بن كعب القرظي قال : أمر الله محمدا أن يسأل أهل الكتاب عن أمره ، وكيف يجدونه في كتبهم ، فحملهم حسده أن يكفروا بكتاب الله ورسله فقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره الآية ، ثم قال : يا محمد هلم لك إلى الخبير ، ثم أنزل الرحمن فاسأل به خبيرا [الفرقان : 59] ولا ينبئك مثل خبير [فاطر : 14] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في الشعب ، عن كعب قال : إن الله يبغض أهل البيت [ ص: 128 ] اللحمين والحبر السمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن جعدة الجشمي قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ورجل يقص عليه رؤيا ، فرأى رجلا سمينا فجعل يطعن بطنه بشيء في يده ويقول : لو كان بعض هذا في غير هذا لكان خيرا لك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا قال : هم اليهود وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قال : هذه للمسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا في يهود فيما أظهروا من التوراة وأخفوا من محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد أنه قرأ : تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم معشر العرب ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قال : هم اليهود آتاهم الله علما فلم يقتدوا به ، [ ص: 129 ] ولم يأخذوا به ، ولم يعملوا به ، فذمهم الله في عملهم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية