الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8753 ) مسألة : قال : ( فإن علقت منه ، فهي مخيرة بين العجز وتكون أم ولد ، وبين المضي على كتابتها . فإن أدت عتقت ، وإن عجزت عتقت بموته . وإن مات قبل عجزها انعتقت ; لأنها من أمهات الأولاد . ويسقط عنها ما بقي من كتابتها وما في يدها لورثة سيدها ) وجملته أن السيد إذا استولد مكاتبته فالولد حر ; لأنه من مملوكته ونسبه لاحق به ولا تجب قيمته ; لذلك وتصير أم ولد له ; لذلك ، ولا تبطل كتابتها ; لأنه عقد لازم من جهة سيدها وقد اجتمع لها سببان يقتضيان العتق أيهما سبق صاحبه ثبت حكمه ، هذا قول الزهري ومالك والثوري والليث والشافعي وأصحاب الرأي [ ص: 361 ] وابن المنذر

                                                                                                                                            وقال الحكم : تبطل كتابتها ; لأنها سبب للعتق فتبطل بالاستيلاد كالتدبير .

                                                                                                                                            ولنا أنها عقد معاوضة فلا تبطل بالوطء كالبيع ، ولأنها سبب للعتق لا يملك السيد الرجوع عنه فلم تبطل بذلك كالتعليق بصفة ، وما ذكروه يبطل بالتعليق بالصفة وتفارق الكتابة التدبير من وجوه ; أحدها أن حكم التدبير والاستيلاد واحد وهو العتق عقيب الموت ، والاستيلاد أقوى ; لأنه يعتبر من رأس المال ولا سبيل إلى إبطاله بحال فاستغني به عن التدبير ، والكتابة سبب يتعجل بها العتق بالأداء ويكون ما فضل من كسبها لها ويملك بها منافعها وكسبها وتخرج عن تصرف سيدها وهذا لا يحصل بالاستيلاد فيجب أن تبقى لبقاء فائدتها الثاني أن الكتابة أقوى من التدبير للزومها وكونها لا تبطل بالرجوع عنها ولا ببيع المكاتب ولا هبته .

                                                                                                                                            الثالث أن التدبير تبرع والكتابة عقد معاوضة لازم .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا فإنه يجتمع لها سببان كل واحد منهما يقتضي الحرية ، فأيهما تم قبل صاحبه ثبتت الحرية به كما لو انفرد ; لأن انضمام أحدهما إلى الآخر مع كونه لا ينافيه لا يمنع ثبوت حكمه ، فإن أدت عتقت بالكتابة وما فضل من كسبها فهو لها ; لأن المعتق بالكتابة له ما فضل من نجومه . وإن عجزت وردت في الرق بطل حكم الكتابة وبقي لها حكم الاستيلاد منفردا كما لو لم تكن مكاتبة ، وله وطؤها وتزويجها وإجارتها وتعتق بموته ، وما في يدها لورثة سيدها ، وإذا مات سيدها قبل عجزها انعتقت ; لأنها أم ولد وتسقط الكتابة ; لأن الحرية حصلت فسقط العوض المبذول في تحصيلها كما لو باشرها سيدها بالعتق وما في يدها لورثة سيدها في قول الخرقي وأبي الخطاب ; لأنها عتقت بحكم الاستيلاد وبطل حكم الكتابة فأشبهت غير المكاتبة

                                                                                                                                            وقال القاضي في " المجرد " وابن عقيل في " كتابه " : ما فضل في يدها لها . وهو قول الشافعي ; لأن العتق إذا وقع في الكتابة لا يبطل حكمها كالإبراء من نجوم الكتابة ولأن ملكها كان ثابتا على ما في يدها ولم يحدث إلا ما يزيل حق سيدها عنها فيقتضي زوال حقه عما في يدها وتقرير ملكها وخلوصه لها كما اقتضى ذلك في نفسها ، وهذا أصح ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية