الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 476 ] الباب الخامس عشر

في همزتي الوصل والقطع

محتويات الباب 1 - الفصل الأول في تعريف همزة الوصل ومواضعها وحكمها وصلا وابتداء .

2- الفصل الثاني في تعريف همزة القطع ومواضعها التي تقاس فيها وحركتها .

3 – الفصل الثالث في اجتماع همزتي القطع والوصل معا في كلمة واحدة وبيان حكمها وصلا وابتداء .

4 – التتمة.

[ ص: 478 ] الفصل الأول في تعريف همزة الوصل ومواضعها وحكمها وصلا وابتداء .

من المقرر أن للقارئ حالتين : حالة ابتداء وحالة وقف . ومن الأصول المقررة ألا يبتدأ بساكن وألا يوقف على متحرك، ويؤخذ من هذا الأصل أن الابتداء لا يكون إلا بالحركة وأن الوقف لا يكون إلا بالسكون أو ما فيه حكمه كالوقف بوجه الروم كما سيأتي :

فإذا تقرر هذا فاعلم أن من الكلمات ما يكون أولها متحركا وهذا لا إشكال فيه عند الابتداء إذ الابتداء بالحركة غير متعذر .

ومنها ما يكون أولها ساكنا والابتداء بالساكن غير مقدور عليه بل ومحال ومن ثم احتيج إلى اجتلاب همزة زائدة في أول هذه الكلمة هي همزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن الموجود في أول الكلمة هذه .

وعلى هذا : فتعريف همزة الوصل : هي الهمزة الزائدة في أول الكلمة الثابتة في الابتداء الساقطة في الدرج - أي في الوصل نحو قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وهنا نجد أن همزة كلمة " الحمد " و " الذين " و " اصطفى " هي همزة وصل لسقوطها في الوصل أي وصل هذه الكلمات بما قبلها وثبوتها في الابتداء إذا ابتدئ بها .

وسميت بهمزة الوصل لأنها يتوصل بها إلى النطق بالساكن كما مر . ولذا سماها الخليل بن أحمد سلم اللسان فتأمل .

وأما مواضعها ففي الأسماء والأفعال والحروف وتارة تكون قياسية وهو [ ص: 479 ] الأكثر ورودا وتارة تكون سماعية وهو الأقل . وفيما يلي الكلام على كل موضع جاءت فيه بانفراد .

الكلام على وجود همزة الوصل في الأفعال وبيان حركة البدء بها

وهي في الأفعال قياسية ولا توجد إلا في الفعل الماضي والأمر .

أما وجودها في الماضي فلا يكون إلا في الخماسي والسداسي .

فالماضي الخماسي : نحو " اعتدى واقترب واشترى " في قوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله تعالى : اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون وقوله عز شأنه : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وما إلى ذلك .

والماضي السداسي : نحو " استسقى واستكبر واستطعم واستنصر " في قوله تعالى : وإذ استسقى موسى لقومه وقوله سبحانه : إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين وقوله عز شأنه : حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما وقوله عز من قائل : وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر وما شابه ذلك .

وأما وجودها في فعل الأمر فمقيد بأمر الثلاثي والخماسي والسداسي .

فالأمر من الثلاثي نحو " اضرب واخرج وانظر واتل وادع " في قوله تعالى : فقلنا اضرب بعصاك الحجر وقوله تعالى : وقالت اخرج عليهن وقوله [ ص: 480 ] سبحانه : انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون وقوله عز شأنه : اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة وقوله عز من قائل : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وشبه ذلك .

والأمر من الخماسي نحو قوله تعالى : ثلاثة انتهوا خيرا وقوله تعالى : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون وقوله سبحانه : قل انتظروا إنا منتظرون ونحو ذلك .

والأمر من السداسي : نحو " استغفر واستأجره واستهزءوا " في قوله تعالى : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم الآية، وقوله سبحانه : يا أبت استأجره وقوله عز من قائل : قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ونحوه .

وهذا : ومما يجب معرفته أنه (خرج) بوجود همزة الوصل في الفعل الماضي والأمر الفعل المضارع فإنها لا توجد فيه مطلقا وأنها لا تكون فيه إلا همزة قطع على ما سيأتي .

(وخرج) بقيد الخماسي والسداسي من الماضي الثلاثي والرباعي منه " كأمر وأذن وأكرم وأحسن " في قوله تعالى : أمر ألا تعبدوا إلا إياه وقوله تعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وقوله سبحانه : فأكرمه ونعمه [ ص: 481 ] وقوله سبحانه : إنه ربي أحسن مثواي فالهمزة فيها همزة قطع مفتوحة وصلا وابتداء .

(وخرج) بقيد الأمر من الثلاثي والخماسي والسداسي الأمر من الرباعي كقوله تعالى : أكرمي مثواه وقوله سبحانه : ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل فالهمزة فيه همزة قطع مفتوحة وصلا وابتداء كذلك على ما سيأتي إن شاء الله تعالى .

حركة البدء بهمزة الوصل في الأفعال المقيسة فيها

حركة البدء بهمزة الوصل في الأفعال المقيسة فيها قد تكون بالضم وقد تكون بالكسر .

أما حركة البدء بالضم فشرطها أن يكون ثالث الفعل مضموما ضما لازما .

مثالها : في الماضي نحو " استحفظوا واجتثت وابتلى " في قوله تعالى : والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وقوله سبحانه : ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار وقوله عز شأنه : هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا (11) ونحو ذلك .

ومثالها : في الأمر نحو " ادع واتل وانظر واقتلوا واخرجوا " في قوله تعالى : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقوله تعالى : اتل ما أوحي إليك من الكتاب وقوله جل شأنه : انظر كيف ضربوا لك الأمثال الفرقان ، وقوله [ ص: 482 ] سبحانه : ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم وما شابه ذلك .

وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله رحمه الله تعالى :


وابدأ بهمز الوصل من فعل بضم إن كان ثالث من الفعل يضم

ا هـ

فخرج بالضم اللازم في ثالث الفعل الذي هو شرط في البدء بالضم ، الضم العارض وحينئذ يبتدأ فيه بكسر الهمزة وجوبا نحو " اقضوا وابنوا وامضوا وامشوا وائتوا " في قوله تعالى : ثم اقضوا إلي ولا تنظرون وقوله تعالى : فقالوا ابنوا عليهم بنيانا وقوله سبحانه : ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون وقوله عز من قائل : ثم ائتوا صفا وقوله سبحانه : ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة ونحوه وليس في القرآن غير هذه الأفعال الخمسة التي ضم ثالثها عارض فيما أحسب . وإن كان فيه غيرها فهو واضح ، لكن لا يجوز البدء بهمزة الوصل مجردة عن واو العطف في " وامضوا " كما هو ظاهر فليعلم ذلك .

هذا : وبيان عروض الضمة في ثالث هذه الأفعال هو أن كلمة " اقضوا " كان أصلها " اقضيوا " بضاد مكسورة وياء مضمومة بعدها فنقلت ضمة الياء إلى الضاد بعد تقدير سلب حركتها فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فصارت الكلمة " اقضوا " بضم الضاد وحذف الياء وكذلك القول في باقي الأفعال التي ضم ثالثها عارض فيما ذكرنا ، فتأمل .

[ ص: 483 ] وما ذكره صاحب العميد رحمه الله تعالى من عده كلمة " اغدوا " في قوله تعالى : أن اغدوا على حرثكم بسورة القلم ضمن الأفعال التي ضم ثالثها عارض ويبتدأ فيها بالكسر وجوبا كما قال فهو سهو منه رحمه الله . والصواب أنها من الأفعال التي يبتدأ فيها بضم الهمزة وجوبا لأن ضمة ثالثها أصلية وليست عارضة وذلك لأنها من معتل اللام بالواو فتفطن .

وأما حركة البدء بالكسر فشرطها أن يكون ثالث الفعل مفتوحا أو مكسورا كسرا أصليا .

[ ص: 484 ] فمثال ما ثالث الفعل فيه مفتوح نحو " انقلب وارتضى وانطلق واذهبوا واعلموا واستغفروا واستجيبوا " في قوله تعالى : وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وقوله تعالى : إلا من ارتضى من رسول وقوله سبحانه : سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها وقوله تعالى : اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وقوله عز شأنه : اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم وقوله عز من قائل : فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا وقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وما إلى ذلك .

ومثال ما ثالث الفعل فيه مكسورا كسرا أصليا نحو " اهدنا واصبر واكشف واصرف " في قوله تعالى : اهدنا الصراط المستقيم وقوله سبحانه : اصبر على ما يقولون وقوله تعالى : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وقوله تعالى : والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم وما أشبه ذلك .

وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :


واكسره حال الكسر والفتح . . . . . . . . .



" توضيح " : قد تقدم قريبا أن الابتداء بكسر همزة الوصل في الفعل وجوبا [ ص: 485 ] إذا كان ثالثه مضموما ضما عارضا كاقضوا . وعليه فيصير الابتداء بكسر همزة الوصل في الفعل وجوبا في أحوال ثلاثة . إذا كان ثالثه مكسورا كسرا أصليا أو مفتوحا أو مضموما ضما عارضا .

وأما الابتداء بضم همزة الوصل وجوبا في الفعل ففي حالين اثنين إذا كان ثالث الفعل مضموما ضما لازما . أو كان ثالثه مكسورا كسرا عارضا نحو " اضطر " في قراءة أبي جعفر المدني كما ذكرنا آنفا بالحاشية .

ومن ثم يتبين أن حركة همزة الوصل في الابتداء بالأفعال مبنية على حركة الثالث منها . فإن اختلف القراء في حركة الثالث لورود الفعل من بابين نحو " انشزوا " في قوله تعالى : وإذا قيل انشزوا فانشزوا فقد قرأ بعضهم بضم الشين وبعضهم بكسرها فيراعى ذلك في الابتداء فيبتدأ بضم الهمزة لمن قرأ بضم الشين وبكسرها لمن كسر الشين . وكذلك يراعى اختلاف القراء في ضم ثالث الفعل عند بنائه للمجهول كما في لفظ " استحق " في قوله تعالى : من الذين استحق عليهم الأوليان فقد قرأ حفص عن عاصم بفتح التاء والحاء على البناء للمعلوم، وقرأ الباقون غيره بضم التاء وكسر الحاء على البناء للمجهول، وعليه فيبتدأ لحفص بكسر همزة الوصل مراعاة لفتح ثالث الفعل ويبتدأ لغيره من القراء بضمها مراعاة لضم ثالث الفعل ضما لازما فتأمل .

الكلام على وجود همزة الوصل في الأسماء وحركة البدء بها

وهي في الأسماء قياسية وسماعية . والاسم لا يخلو من أن يكون معرفا بالألف واللام أو مجردا منهما .

فإن كان معرفا بالألف واللام فهمزة الوصل فيه قياسية وحركتها عند الابتداء الفتحة طلبا للخفة ولكثرة دورانها نحو قوله تعالى : هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم

[ ص: 486 ] وإن كان مجردا من الألف واللام فهمزة الوصل فيه قياسية وسماعية . أما القياسية ففي نوعين منه :

النوع الأول : مصدر الفعل الماضي الخماسي نحو " افتراء وابتغاء واختلاف وانتقام " في قوله تعالى : وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله وقوله سبحانه : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله وقوله عز شأنه : إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون وقوله تعالى : والله عزيز ذو انتقام وما إلى ذلك .

النوع الثاني : مصدر الفعل الماضي السداسي نحو " استغفار واستعجال واستكبار " في قوله تعالى : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه وقوله سبحانه : ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم وقوله عز شأنه : وأصروا واستكبروا استكبارا وما شابه ذلك .

وحركة البدء بهمزة الوصل في هذين المصدرين الكسر وجوبا .

وأما السماعية ففي عشرة أسماء محفوظة ورد منها في القرآن الكريم سبعة أسماء والثلاثة الباقية وردت في غير القرآن من كلام العرب .

أما الأسماء السبعة التي في القرآن الكريم فهي كما يلي :

الأول : " ابن " بالتذكير سواء كان مضافا لياء المتكلم أو لغيرها كقوله تعالى : إن ابني من أهلي وقوله تعالى : اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة

الثاني : " ابنت " بالتأنيث مفردة أو مثناة كقوله تعالى : ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها وقوله تعالى : قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين

الثالث : " امرؤ " بالتذكير حيث ورد مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا نحو قوله تعالى : إن امرؤ هلك ليس له ولد وقوله سبحانه : ما كان أبوك امرأ سوء وقوله عز شأنه : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه

الرابع : " اثنين : بالتذكير سواء كان معربا بالألف والنون أو بالياء والنون أو كان مضافا للعشرة نحو قوله تعالى : اثنان ذوا عدل منكم وقوله سبحانه : ثاني اثنين إذ هما في الغار وقوله سبحانه : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا وقوله تعالى : وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا

الخامس : " امرأت " بالتأنيث مفردة أو مثناة وسواء رسمت بالتاء المفتوحة أم بالهاء المربوطة نحو امرأت نوح وامرأت لوط وقوله سبحانه : وإن امرأة خافت وقوله تعالى : ووجد من دونهم امرأتين تذودان

السادس : " اسم " نحو قوله تعالى : سبح اسم ربك الأعلى وقوله [ ص: 488 ] سبحانه : ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد

السابع : " اثنتين " بالتأنيث سواء كان مضافا للعشرة أم لم يضف نحو قوله تعالى : فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وقوله تعالى : وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وقوله سبحانه : فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ويلاحظ هنا أن النون من لفظ " اثنان " في المذكر و " اثنتين " في المؤنث محذوفة لأجل تركيبهما مع العشرة .

وأما الأسماء الثلاثة الباقية من العشرة الواردة في غير القرآن فنوردها لتمام الفائدة : فنقول :

أولها : لفظ " است " .

وثانيها : لفظ " ابنم " وهو " ابن " زيدت فيه الميم .

وثالثها : لفظ " ايم " وهو للقسم وقد يزاد فيه النون فيقال " أيمن " نحو " وأيمن الله لأجتهدن " .

هذا : وقد اختلف في لفظ " أيمن " بين كونه اسما أو حرفا والراجح أنه اسم .

وأما حركة البدء بهمزة الوصل في هذه الأسماء فبالكسر وجوبا سواء أكانت من الواردة في التنزيل أم من غير الواردة فيه إلا " أيمن " في القسم في لغتيه فيجوز فيه الفتح أيضا وهو الأرجح .

وقد أشار الحافظ ابن الجزري إلى همزة الوصل في الأسماء وحركة البدء بها في المقدمة الجزرية بقوله :


. . . . . . وفي     الأسماء غير اللام كسرها وفي
ابن مع ابنة امرئ واثنين     وامرأة واسم مع اثنتين

ا هـ

[ ص: 489 ] الكلام على وجود همزة الوصل في الحروف وحركة البدء بها

همزة الوصل في الحروف لا توجد إلا في حرفين :

الأول : " ال " في نحو قوله تعالى : الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان وهي هنا قياسية .

الثاني : " ايمن " في القسم في لغتيه " زيادة النون أو حذفها " وهذا على القول بحرفيته وهو ضعيف وهمزة الوصل فيه سماعية .

أما حركة البدء فيهما فبالفتح في " ال " وجوبا وفي " ايمن " على الأرجح .

" فائدة " : تحذف همزة الوصل لفظا وخطا من " ال " إذا دخل عليها لام الجر نحو " للرؤيا . للمتقين . للذين " في قوله تعالى : إن كنتم للرؤيا تعبرون وقوله : إن للمتقين مفازا وقوله : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة بخلاف دخول غيرها عليها من بقية حروف الجر فإنها حينئذ تحذف لفظا وتثبت خطا نحو " بالآخرة بالغيب من الكتاب . كالذين . في الحياة . والطور والنجم " في نحو قوله تعالى : وبالآخرة هم يوقنون وقوله تعالى : الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وقوله سبحانه : والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق وقوله عز شأنه : كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وقوله عز شأنه : لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقوله [ ص: 490 ] تعالى : والطور وكتاب مسطور وقوله سبحانه : والنجم إذا هوى وما إلى ذلك .

وحكم همزة الوصل حينئذ حكم المسبوقة بكلام نحو قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وقوله سبحانه : وأصروا واستكبروا استكبارا وهي بهذا مطابقة لتعريفها السابق من أنها تثبت في الابتداء وتسقط في الوصل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية