الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          758 - مسألة : وإذا رئي الهلال قبل الزوال فهو من البارحة ويصوم الناس من [ ص: 379 ] حينئذ باقي يومهم - إن كان أول رمضان - ويفطرون إن كان آخره ، فإن رئي بعد الزوال فهو لليلة المقبلة . برهان ذلك - : قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } فخرج من هذا الظاهر إذا رئي بعد الزوال بالإجماع المتيقن ، ولم يجب الصوم إلا من الغد ; وبقي حكم لفظ الحديث إذا رئي قبل الزوال ، للاختلاف في ذلك ; فوجب الرجوع إلى النص . وأيضا : فإن الهلال إذا رئي قبل الزوال فإنما يراه الناظر إليه والشمس بينه وبينه ، ولا شك في أنه لم يمكن رؤيته مع حوالة الشمس دونه إلا وقد أهل من البارحة وبعد عنها بعدا كثيرا . روينا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل نا أبي نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن سماك عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب كتب إلى الناس إذا رأيتموه قبل زوال الشمس فأفطروا وإذا رأيتموه بعد زوالها فلا تفطروا ؟ ورويناه أيضا : من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري بمثله - وبه يقول سفيان . وروينا من طريق يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب قال رضي الله عنه إذا رأيتم الهلال من أول النهار فأفطروا وإذا رأيتموه في آخر النهار فلا تفطروا فإن الشمس تزيغ عنه أو تميل عنه . ومن طريق محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن الركين بن الربيع عن أبيه قال : كنا مع سلمان بن ربيعة الباهلي ببلنجر فرأيت الهلال ضحى فأتيت سلمان فأخبرته فقام تحت شجرة فلما رآه أمر الناس فأفطروا . وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي ، وأبو بكر بن داود ، وغيره . فإن قيل : قد روي عن عمر خلاف هذا ؟ قلنا : نعم وإذا صح التنازع وجب الرد إلى القرآن والسنة . وقد ذكرنا الآن وجه ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية