الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله الآية ، قال : قالوا : يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا ، أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم فيسبوا الله عدوا بغير علم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي قال : لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل ، فلنأمره أن ينهي عنا ابن أخيه ، فإنا نستحيي أن نقتله بعد موته فتقول العرب : كان يمنعه فلما مات قتلوه ، فانطلق أبو سفيان وأبو جهل ، والنضر بن الحارث ، وأمية وأبي ابنا خلف ، وعقبة بن أبي [ ص: 169 ] معيط وعمرو بن العاصي ، والأسود بن البختري ، وبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب ، قالوا : استأذن لنا على أبي طالب ، فأتى أبا طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك ، فأذن لهم عليه ، فدخلوا فقالوا : يا أبا طالب ، أنت كبيرنا وسيدنا ، وإن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعه وإلهه . فدعاه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أبو طالب : هؤلاء قومك وبنو عمك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يريدون ؟ قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا ولندعك وإلهك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيتم إن أعطيتكم هذا ، هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ، ودانت لكم بها العجم الخراج؟ قال أبو جهل : وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها فما هي ؟ قال : قولوا : لا إله إلا الله . فأبوا واشمأزوا ، قال أبو طالب : قل غيرها فإن قومك قد فزعوا منها ، قال : يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي ، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها . إرادة أن يؤيسهم ، فغضبوا وقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك، فأنزل الله ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة قال : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب [ ص: 170 ] الكفار الله ، فأنزل الله : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن زيد بن أسلم في قوله : كذلك زينا لكل أمة عملهم قال : زين الله لكل أمة عملهم الذي يعملون به حتى يموتوا عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية