الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1 ] باب ذكر الكلب .

الفصل الأول .

4098 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ومن اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضار ، نقص من عمله كل يوم قيراطان " . متفق عليه .

التالي السابق


[ 1 ] - باب ذكر الكلب .

أي هذا باب ذكر في أحاديثه حكم الكلب . قال الطيبي : المقصود منه بيان ما يجوز اقتناؤه من الكلاب وما لا يجوز ، فهو كالتتمة والرديف للباب السابق . قلت : أو كالتوطئة والمقدمة للباب اللاحق .

الفصل الأول .

4098 - ( عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من اقتنى ) أي : حفظ وحبس وأمسك ( كلبا إلا كلب ماشية ) : قال الطيبي : إلا هنا . بمعنى غير صفة " لكلبا " لا للاستثناء لتعذره ، ويجوز أن تنزل النكرة منزلة المعرفة ، فيكون استثناء لا صفة كأنه قيل : من اقتنى الكلب إلا كلب ماشية ( أو ضار ) : بتخفيف الراء المكسورة المنونة من غير ياء في جميع نسخ المشكاة على أنه عطف على ماشية أي : وإلا كلب معلم للصيد . قال التوربشتي : الضاري من الكلاب ما يهيج بالصيد ، يقال : ضرى الكلب بالصيد ضراوة أي تعوده ، ومن حق اللفظ أو ضاريا عطفا على المستثنى ، وهو كذلك في بعض الروايات ، فتحقق من تلك الرواية أن ترك التنوين فيه خطأ من بعض الرواة . قال النووي في معظم النسخ : ضاري بالياء وفي بعضها ضاريا بالألف . قال القاضي عياض : فأما ضاريا فهو ظاهر الإعراب ، وأما ضار وضاري فهما مجروران بالعطف على ماشية ، ويكون من إضافة الموصوف إلى صفته كماء الماورد ، ومسجد الجامع ، وثبوت الياء في ضاري على اللغة القليلة في إثباتها في المنقوص من غير ألف ولام . قال البيضاوي : وإضافة الكلب إلى ضار على قصد الإبهام والتخصيص ، فإن الكلب قد يكون ضاريا وقد لا يكون ضاريا ( نقص ) : بصيغة المجهول ، وفي نسخة بالمعلوم وهو يتعدى ولا يتعدى ، والمراد به هنا اللزوم أي : انتقص ( من عمله كل يوم ) : بالنصب على الظرفية ( قيراطان ) : فاعل أو نائبه أي : من أجر عمله الماضي ، فيكون الحديث محمولا على التهديد ؛ لأن حبط الحسنة بالسيئة ليس مذهب أهل السنة والجماعة ، وقيل : أي : من ثواب عمل المستقبل حين يوجد ، وهذا أقرب ؛ لأنه تعالى إذا نقص من ثواب عمله ، ولا يكتب له كما يكتب لغيره من كمال فضله لا يكون حبطا لعمله ، وذلك ؛ لأنه اقتنى النجاسة مع وجوب التجنب عنها من غير ضرورة وحاجة ، وجعلها وسيلة لرد السائل والضعيف . قال النووي : واختلفوا في سبب نقصان الأجر باقتناء الكلب ، فقيل : لامتناع الملائكة من دخول بيته ، وقيل : لما يلحق المارين من الأذى من ترويع الكلب لهم وقصده إياهم ، وقيل : إن ذلك عقوبة لهم لاتخاذهم ما نهي عن اتخاذه وعصيانهم في ذلك . وقيل : لما يبتلى به من ولوغه في الأواني عند غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء والتراب . ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، والترمذي ، والنسائي .




الخدمات العلمية