الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 2763 ] كتاب اللباس

الفصل الأول

4304 - عن أنس - رضي الله عنه - قال : " كان أحب الثياب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسها - الحبرة " متفق عليه .

التالي السابق


كتاب اللباس

في القاموس : لبس الثوب كسمع لبسا بالضم ، واللباس بالكسر ، وأما لبس كضرب لبسا بالفتح ، فمعناه خلط ومنه قوله تعالى : ولا تلبسوا الحق بالباطل ، وإنما ذكرته للالتباس على كثير من الناس .

الفصل الأول

4304 - ( عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : كان أحب الثياب ) : بالنصب أو الرفع ( إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسها ) : قيل : بدل من الثياب ، وفي رواية الترمذي بدون " أن " فقيل : الجملة صفة لأحب أو الثياب وخرج به ما يفرشه ونحوه ، والضمير المنصوب للثياب أو لأحب ، والتأنيث باعتبار المضاف إليه ، ويؤيده ما في رواية الترمذي : " يلبسه " ، وقال الطيبي : أن يلبسها متعلق بأحب أي كان أحب الثياب لأجل اللبس . ( الحبرة ) : لاحتمال الوسخ ، ثم الحبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة ، ففي النهاية : الحبرة من البرود ما كان موشيا مخططا . يقال : برد حبرة بوزن عنبة على الوصف والإضافة ، وهو برد يماني . قال ميرك : والرواية على ما صححه الجزري في تصحيح المصابيح رفع الحبرة على أنها اسم كان ، و " أحب " خبره ، ويجوز أن يكون بالعكس ، وهو الذي صححوه في أكثر نسخ الشمائل . قلت : وهو الظاهر المتبادر وإلا يقال : كان الحبرة أحب ، ورجح الأول بأن أحب وصف فهو أولى بكونه حكما ، وسيأتي لهذا في الحديث الأول من الفصل الثاني زيادة من التحقيق ، والله ولي التوفيق ، ثم الحبرة نوع من برود اليمن بخطوط حمر ، ربما تكون بخضر أو زرق ، فقيل : هي أشرف الثياب عندهم تصنع من القطن ; فلذا كان أحب ، وقيل لكونها خضراء وهي من ثياب أهل الجنة ، وقد ورد : أنه كان أحب الألوان إليه الخضرة على ما في رواية الطبراني في الأوسط ، وابن السني ، وأبي نعيم في الطب . قال القرطبي : سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين والتحبير التحسين . قيل : ومنه قوله تعالى : فهم في روضة يحبرون ، وقيل : إنما كانت هي أحب الثياب إليه - صلى الله عليه وسلم - لأنه ليس فيه كثير زينة ، ولأنها أكثر احتمالا للوسخ ، قال الجزري : وفيه دليل على استحباب لبس الحبرة ، وعلى جواز لبس المخطط . قال ميرك : وهو مجمع عليه اهـ . وأغرب ابن حجر في قوله : وهو في الصلاة مكروه ، ثم الجمع بين هذا الحديث وبين ما سيأتي من أن أحب الثياب عنده كان القميص ، إما بما اشتهر في مثله من أن المراد أنه من جملة الأحب كما قيل فيما ورد في كثير من الأشياء : أنه أفضل العبادات والأعمال ، وإما بأن التفضيل راجع إلى الصفة ، فالقميص أحب الأنواع باعتبار الصنع ، والحبرة أحبها باعتبار اللون أو الجنس ، والله أعلم . ( متفق عليه ) : رواه أبو داود ، والنسائي .




الخدمات العلمية