الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هذب

                                                          هذب : التهذيب : كالتنقية . هذب الشيء يهذبه هذبا ، وهذبه : نقاه وأخلصه ، وقيل : أصلحه . وقال أبو حنيفة : التهذيب في القدح العمل الثاني ، والتشذيب الأول ، وهو مذكور في موضعه . والمهذب من الرجال : المخلص النقي من العيوب ; ورجل مهذب أي مطهر الأخلاق . وأصل التهذيب : تنقية الحنظل من شحمه ، ومعالجة حبه ، حتى تذهب مرارته ، ويطيب لآكله ; ومنه قول أوس :

                                                          [ ص: 45 ]

                                                          ألم تريا إذ جئتما أن لحمها به طعم شري لم يهذب وحنظل

                                                          ويقال : ما في مودته هذب أي صفاء وخلوص ; قال الكميت :


                                                          معدنك الجوهر المهذب ذو     الإبريز بخ ما فوق ذا هذب

                                                          وهذب النخلة : نقى عنها الليف . وهذب الشيء يهذب هذبا : سال ; وقول ذي الرمة :


                                                          ديار عفتها بعدنا كل ديمة     درور وأخرى تهذب الماء ساجر

                                                          قال الأزهري : يقال أهذبت السحابة ماءها إذا أسالته بسرعة . والإهذاب والتهذيب : الإسراع في الطيران ، والعدو ، والكلام ; قال امرؤ القيس :


                                                          وللزجر منه وقع أخرج مهذب

                                                          وأهذب الإنسان في مشيه ، والفرس في عدوه ، والطائر في طيرانه : أسرع ; وقول أبي العيال :


                                                          ويحمله حميم أر     يحي صادق هذب

                                                          هو على النسب ، أي ذو هذب ، وقد قيل فيه : هذب وأهذب وهذب ، كل ذلك من الإسراع . وفي حديث سرية عبد الله بن جحش : إني أخشى عليكم الطلب ، فهذبوا أي أسرعوا السير ; والاسم : الهيذبى . وقال ابن الأنباري : الهيذبى أن يعدو في شق ; وأنشد :


                                                          مشى الهيذبى في دفه ثم فرفرا

                                                          ورواه بعضهم : مشى الهربذا هو بمنزلة الهيذبى . وفي حديث أبي ذر : فجعل يهذب الركوع أي يسرع فيه ويتابعه . والهيذبى : ضرب من مشي الخيل . الفراء : المهذب السريع ، وهو من أسماء الشيطان ; ويقال له : المذهب أي المحسن للمعاصي . وإبل مهاذيب : سراع ; وقالرؤبة :


                                                          ضرحا وقد أنجدن من ذات الطوق     صوادق العقب مهاذيب الولق

                                                          والطائر يهاذب في طيرانه : يمر مرا سريعا ; حكاه يعقوب ; وأنشد بيت أبي خراش :


                                                          يبادر جنح الليل فهو مهاذب     يحث الجناح بالتبسط والقبض

                                                          وقال أبو خراش أيضا :


                                                          فهذب عنها ما يلي البطن وانتحى     طريدة متن بين عجب وكاهل

                                                          قال السكري : هذب عنها فرق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية