الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هذر

                                                          هذر : الهذر : الكلام الذي لا يعبأ به . هذر كلامه هذرا : كثر في الخطأ والباطل . والهذر : الكثير الرديء ، وقيل : هو سقط الكلام . هذر الرجل في منطقه يهذر ويهذر هذرا ، بالسكون ، وتهذارا ، وهو بناء يدل على التكثير ، والاسم الهذر ، بالتحريك ، وهو الهذيان ، والرجل هذر ، بكسر الذال ; قال سيبويه : هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزوائد وتبنيه بناء آخر كما أنك قلت في فعلت فعلت ، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التفعال كالتهذار ونحوها ، قال : وليس شيء من هذا مصدر فعلت ، ولكن لما أردت التكسير بنيت المصدر على هذا ، كما بنيت فعلت على فعلت . وأهذر الرجل في كلامه : أكثر . ورجل هذريان إذا كان غث الكلام [ ص: 46 ] كثيره . الجوهري : رجل هذريان خفيف الكلام والخدمة ; قال عبد العزيز بن زرارة الكلابي يصف كرمه وكثرة خدمه ، فضيوفه يأكلون من الجزور التي نحرها لهم على أي نوع يشتهون مما يصنع لهم من مشوي ومطبوخ وغير ذلك من غير أن يتولوا ذلك بأنفسهم لكثرة خدمهم والمسارعين إلى ذلك :


                                                          إذا ما اشتهوا منها شواء سعى لهم به هذريان للكرام خدوم

                                                          قوله منها أي من الجزور . وحكى ابن الأعرابي : من أكثر أهذر أي جاء بالهذر ولم يقل أهجر . ورجل هذر وهذر وهذرة وهذرة ; قال طريح :


                                                          واترك معاندة اللجوج ولا تكن     بين الندي هذرة تياها

                                                          وهذار وهيذار وهيذارة وهذريان ومهذار ; قال الشاعر :


                                                          إني أذري حسبي أن يشتما     بهذر هذار يمج البلغما

                                                          والأنثى هذرة ومهذار ، والجمع المهاذير . قال ابن سيده : ولا يجمع مهذار بالواو والنون ; لأن مؤنثه لا يدخله الهاء . الأزهري : يقال رجل هذرة بذرة ، ومنطق هذريان ; أنشد ثعلب :


                                                          لها منطق لا هذريان طمى به     سفاء ولا بادي الجفاء جشيب

                                                          وفي الحديث : لا تتزوجن هيذرة ; هي الكثيرة الهذر من الكلام ، والميم زائدة . وفي حديث أم معبد : لا نزر ولا هذر أي لا قليل ولا كثير . ابن الأثير : وفي حديث سلمان - رضي الله عنه - : ملغاة أول الليل مهذرة لآخره ، قال : هكذا جاء في رواية وهو من الهذر السكون ، قال : والرواية بالنون . وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكسر اليابسة حتى فارق الدنيا ، وقد أصبحتم تهذرون الدنيا أي تتوسعون فيها ; قال الخطابي : يريد تبذير المال وتفريقه في كل وجه ، قال : ويروى وتهذون ، وهو أشبه بالصواب ، يعني تقتطعونها إلى أنفسكم وتجمعونها أو تسرعون إنفاقها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية