الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هرر

                                                          هرر : هر الشيء يهره ويهره هرا وهريرا : كرهه ; قال المفضل بن المهلب بن أبي صفرة :


                                                          ومن هر أطراف القنا خشية الردى فليس لمجد صالح بكسوب

                                                          وهررته أي كرهته ، أهره وأهره ، بالضم والكسر . وقال ابن الأعرابي : أجد في وجهه هرة وهريرة أي كراهية . الجوهري : والهر الاسم من قولك هررته هرا أي كرهته . وهر فلان الكأس والحرب هريرا أي كرهها ; قال عنترة :


                                                          حلفنا لهم والخيل تردي بنا معا     نزايلكم حتى تهروا العواليا

                                                          الرديان : ضرب من السير ، وهو أن يرجم الفرس الأرض رجما بحوافره من شدة العدو . وقوله : نزايلكم هو جواب القسم أي لا نزايلكم ، فحذف لا على حد قولهم : تالله أبرح قاعدا ، أي لا أبرح ، ونزايلكم : نبارحكم ، يقال : ما زايلته أي ما بارحته . والعوالي : جمع عالية الرمح ، وهي ما دون السنان بقدر ذراع . وفلان هره الناس إذا كرهوا ناحيته ; قال الأعشى :


                                                          أرى الناس هروني وشهر مدخلي [ ص: 51 ]     ففي كل ممشى أرصد الناس عقربا

                                                          وهر الكلب إليه يهر هريرا وهرة ، وهرير الكلب : صوته وهو دون النباح من قلة صبره على البرد ; قال القطامي يصف شدة البرد :


                                                          أرى الحق لا يعيا علي سبيله     إذا ضافني ليلا مع القر ضائف
                                                          إذا كبد النجم السماء بشتوة     على حين هر الكلب والثلج خاشف

                                                          ضائف : من الضيف . وكبد النجم السماء : يريد بالنجم الثريا ، وكبد : صار في وسط السماء عند شدة البرد . وخاشف : تسمع له خشفة عند المشي وذلك من شدة البرد . ابن سيده : وبالهرير شبه نظر بعض الكماة إلى بعض في الحرب . وفي الحديث : أنه ذكر قارئ القرآن وصاحب الصدقة فقال رجل : يا رسول الله أرأيتك النجدة التي تكون في الرجل ؟ فقال : ليست لهما بعدل ، إن الكلب يهر من وراء أهله ; معناه أن الشجاعة غريزة في الإنسان فهو يلقى الحروب ويقاتل طبعا وحمية لا حسبة ، فضرب الكلب مثلا إذا كان من طبعه أن يهر دون أهله ويذب عنهم ، يريد أن الجهاد والشجاعة ليسا بمثل القراءة والصدقة . يقال : هر الكلب يهر هريرا ، فهو هار وهرار إذا نبح وكشر عن أنيابه ، وقيل : هو صوته دون نباحه . وفي حديث شريح : لا أعقل الكلب الهرار أي إذا قتل الرجل كلب آخر لا أوجب عليه شيئا إذا كان نباحا لأنه يؤذي بنباحه . وفي حديث أبي الأسود : المرأة التي تهار زوجها أي تهر في وجهه كما يهر الكلب . وفي حديث خزيمة : وعاد لها المطي هارا أي يهر بعضها في وجه بعض من الجهد . وقد يطلق الهرير على صوت غير الكلب ; ومنه الحديث : إني سمعت هريرا كهرير الرحى ، أي صوت دورانها . ابن سيده : وكلب هرار كثير الهرير ، وكذلك الذئب إذا كشر أنيابه ، وقد أهره ما أحس به . قال سيبويه : وفي المثل : شر أهر ذا ناب ، وحسن الابتداء بالنكرة لأنه في معنى ما أهر ذا ناب إلا شر ، أعني أن الكلام عائد إلى معنى النفي ، وإنما كان المعنى هذا ; لأن الخبرية عليه أقوى ، ألا ترى أنك لو قلت : أهر ذا ناب شر ، لكنت على طرف من الإخبار غير مؤكد ؟ فإذا قلت : ما أهر ذا ناب إلا شر ، كان أوكد ، ألا ترى أن قولك : ما قام إلا زيد أوكد من قولك : قام زيد ؟ قال : وإنما احتيج في هذا الموضع إلى التوكيد من حيث كان أمرا مهما ، وذلك أن قائل هذا القول سمع هرير كلب فأضاف منه وأشفق لاستماعه أن يكون لطارق شر ، فقال : شر أهر ذا ناب أي ما أهر ذا ناب إلا شر تعظيما للحال عند نفسه وعند مستمعه ، وليس هذا في نفسه كأن يطرقه ضيف أو مسترشد ، فلما عناه وأهمه أكد الإخبار عنه وأخرجه مخرج الإغلاظ به . وهاره أي هر في وجهه . وهرهرت الشيء : لغة في مرمرته إذا حركته ; قال الجوهري : هذا الحرف نقلته من كتاب الاعتقاب لأبي تراب من غير سماع . وهرت القوس هريرا : صوتت ; عن أبي حنيفة ; وأنشد :


                                                          مطل بمنحاة لها في شماله     هرير إذا ما حركته أنامله

                                                          والهر : السنور ، والجمع هررة ، مثل قرد وقردة ، والأنثى هرة ، بالهاء ، وجمعها هرر مثل قربة وقرب . وفي الحديث : أنه نهى عن أكل الهر وثمنه ; قال ابن الأثير : وإنما نهى عنه لأنه كالوحشي الذي لا يصح تسليمه ، وأنه ينتاب الدور ولا يقيم في مكان واحد ، فإن حبس أو ربط لم ينتفع به ولئلا يتنازع الناس فيه إذا انتقل عنهم ، وقيل : إنما نهى عن الوحشي منه دون الإنسي . وهر : اسم امرأة ، من ذلك ; قال الشاعر :


                                                          أصحوت اليوم أم شاقتك هر

                                                          وهر الشبرق والبهمى والشوك هرا : اشتد يبسه وتنفش فصار كأظفار الهر وأنيابه ; قال :


                                                          رعين الشبرق الريان حتى     إذا ما هر وامتنع المذاق

                                                          وقولهم في المثل : ما يعرف هرا من بر ; قيل : معناه ما يعرف من يهره أي يكرهه ممن يبره ، وهو أحسن ما قيل فيه . وقال الفزاري : البر اللطف ، والهر العقوق ، وهو من الهرير ; ابن الأعرابي : البر الإكرام والهر الخصومة ، وقيل : الهر ههنا السنور ، والبر الفأر . وقال ابن الأعرابي : لا يعرف هارا من بارا ، لو كتبت له ، وقيل : أرادوا هرهر ، وهو سوق الغنم ، وبربر وهو دعاؤها ; وقيل : الهر دعاؤها ، والبر سوقها . وقال أبو عبيد : ما يعرف الهرهرة من البربرة ; الهرهرة : صوت الضأن ، والبربرة : صوت المعزى . وقال يونس : الهر سوق الغنم والبر ، دعاء الغنم . وقال ابن الأعرابي : الهر دعاء الغنم إلى العلف ، والبر دعاؤها إلى الماء . وهرهرت بالغنم إذا دعوتها . والهرار : داء يأخذ الإبل مثل الورم بين الجلد واللحم ; قال غيلان بن حريث :


                                                          فإلا يكن فيها هرار فإنني     بسل يمانيها إلى الحول خائف

                                                          أي خائف سلا ، والباء زائدة ، تقول منه : هرت الإبل تهر هرا . وبعير مهرور أصابه الهرار ، وناقة مهرورة ; قال الكميت يمدح خالد بن عبد الله القسري :


                                                          ولا يصادفن إلا آجنا كدرا     ولا يهر به منهن مبتقل

                                                          قوله به أي بالماء ، يعني أنه مريء ليس بالوبيء ، وذكر الإبل ، وهو يريد أصحابها . قال ابن سيده : وإنما هذا مثل يضربه يخبر أن الممدوح هنيء العطية ، وقيل : هو داء يأخذها فتسلح عنه ، وقيل : الهرار سلح الإبل من أي داء كان . الكسائي والأموي : من أدواء الإبل الهرار ، وهو استطلاق بطونها ، وقد هرت هرا وهرارا ، وهر سلحه وأر : استطلق حتى مات . وهره هو وأره : أطلقه من بطنه ، الهمزة في كل ذلك بدل من الهاء . ابن الأعرابي : هر بسلحه وهك به إذا رمى به . وبه هرار إذا استطلق بطنه حتى يموت . والهراران : نجمان ; قال ابن سيده : الهراران النسر الواقع ، وقلب العقرب ; قال شبيل بن عزرة الضبعي :


                                                          وساق الفجر هراريه حتى     بدا ضوآهما غير احتمال

                                                          وقد يفرد في الشعر ; قال أبو النجم يصف امرأة :


                                                          وسنى سخون مطلع الهرار

                                                          والهر : ضرب من زجر الإبل . وهر : بلد وموضع ، قال : [ ص: 52 ]

                                                          فوالله لا أنسى بلاء لقيته     بصحراء هر ما عددت اللياليا

                                                          ورأس هر : موضع في ساحل فارس يرابط فيه . والهر والهرهور والهرهار والهراهر : الكثير من الماء واللبن وهو الذي إذا جرى سمعت له هرهر ، وهو حكاية جريه . الأزهري : والهرهور الكثير من الماء واللبن إذا حلبته سمعت له هرهرة ; وقال :


                                                          سلم ترى الدالي منه أزورا     إذا يعب في السري هرهرا

                                                          وسمعت له هرهرة أي صوتا عند الحلب . والهرور والهرهور : ما تناثر من حب العنقود ، زاد الأزهري : في أصل الكرم . قال أعرابي : مررت على جفنة وقد تحركت سروغها بقطوفها فسقطت أهرارها فأكلت هرهورة فما وقعت ولا طارت ; قال الأصمعي : الجفنة الكرمة ، والسروغ قضبان الكرم ، واحدها سرغ ، رواه بالغين ، والقطوف العناقيد ، قال : ويقال لما لا ينفع : ما وقع ولا طار . وهر يهر إذا أكل الهرور ، وهو ما يتساقط من الكرم ، وهرهر إذا تعدى . ابن السكيت : يقال للناقة الهرمة هرهر ، وقال النضر : الهرهر الناقة التي تلفظ رحمها الماء من الكبر فلا تلقح ; والجمع الهراهر ; وقال غيره : هي الهرشفة والهردشة أيضا . ومن أسماء الحيات : القزاز والهرهير . ابن الأعرابي : هر يهر إذا ساء خلقه . والهرهور : ضرب من السفن . ويقال للكانونين : هما الهراران ، وهما شيبان وملحان . وهرهر بالغنم : دعاها إلى الماء فقال لها : هرهر . وقال يعقوب : هرهر بالضأن خصها دون المعز . والهرهرة : حكاية أصوات الهند في الحرب . غيره : والهرهرة والغرغرة يحكى به بعض أصوات الهند والسند عند الحرب . وهرهر : دعا الإبل إلى الماء . وهرهرة الأسد : ترديد زئيره ، وهي التي تسمى الغرغرة . والهرهرة : الضحك في الباطل . ورجل هرهار : ضحاك في الباطل . الأزهري في ترجمة عقر : التهرهر صوت الريح ، تهرهرت وهرهرت واحد ; قال وأنشد المؤرج :


                                                          وصرت مملوكا بقاع قرقر     يجري عليك المور بالتهرهر
                                                          يا لك من قنبرة وقنبر     كنت على الأيام في تعقر

                                                          أي في صبر وجلادة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية