الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ هشم ]

                                                          هشم : الهشم : كسرك الشيء الأجوف واليابس ، وقيل : هو كسر العظام والرأس من بين سائر الجسد ، وقيل : هو كسر الوجه ، وقيل : هو كسر الأنف ، هذه عن اللحياني تقول : هشمت أنفه إذا كسرت القصبة ، وقيل : هو كسر القيض ، وقال اللحياني مرة : الهشم في كل شيء ، هشمه يهشمه هشما ، فهو مهشوم وهشيم ، وهشمه وقد انهشم وتهشم . وفي حديث أحد :جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهشمت البيضة على رأسه ; الهشم : الكسر والبيضة : الخوذة . وهشم الثريد ; ومنه هاشم بن عبد مناف أبو عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمى عمرا ، وهو أول من ثرد الثريد ، وهشمه فسمي هاشما ; فقالت فيه ابنته :


                                                          عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف

                                                          وقال ابن بري : الشعر لابن الزبعرى ; وأنشد لآخر :


                                                          أوسعهم رفد قصي شحما     ولبنا محضا وخبزا هشما

                                                          وقول أبي خراش الهذلي :


                                                          فلا وأبي لا تأكل الطير مثله     طويل النجاد غير هار ولا هشم

                                                          أراد مهشوم ، وقد يكون غير ذي هشم . والهاشمة : شجة تهشم العظم ، وقيل : الهاشمة من الشجاج التي هشمت العظم ولم يتباين فراشه ، وقيل : هي التي هشمت العظم فنقش وأخرج فراشه فتباين فراشه . والريح تهشم اليبيس من الشجر : تكسره . يقال : هشمته . والهشيم : النبت اليابس المتكسر ، والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف يشاء . وفي التنزيل العزيز : فأصبح هشيما ; وقيل : هو يابس كل كلأ إلا يابس البهمى ، فإنه عرب لا هشيم ، وقيل : هو اليابس من كل شيء . والهشيمة : الشجرة اليابسة البالية ، والجمع هشيم . وما فلان إلا هشيمة كرم أي لا يمنع شيئا ، وهو مثل بذلك ، وأصله من الهشيمة من الشجر يأخذها الحاطب كيف يشاء . ويقال للرجل الجواد السمح : ما فلان إلا هشيمة كرم . والهشيمة : الأرض التي يبس شجرها حتى اسود ، غير أنها قائمة على يبسها . والهشيم : الذي بقي من عام أول . ابن شميل : أرض هشيمة ، وهي التي يبس شجرها ، قائما كان أو متهشما . وإن الأرض البالية تهشم أي تكسر إذا وطئت عليها نفسها لا شجرها ، وشجرها أيضا إذا يبس يتهشم أي يتكسر . وكلأ هيشوم : هش لين . وفي التنزيل العزيز : فكانوا كهشيم المحتظر ; قال : الهشيم ما يبس من الورق وتكسر وتحطم ، فكانوا كالهشيم الذي يجمعه صاحب الحظيرة أي قد بلغ الغاية في اليبس حتى بلغ أن يجمع . أبو قتيبة ، اللحياني يقال للنبت الذي بقي من عام أول هذا نبت عامي وهشيم وحطيم ، وقال في ترجمة حظر : الهشيم ما يبس من الحظرات فارفت وتكسر ، المعنى أنهم بادوا وهلكوا فصاروا كيبيس الشجر إذا تحطم . وقال العراقي : معنى قوله : كهشيم المحتظر الذي يحظر على هشيمه ، أراد أنه حظر حظارا رطبا على حظار قديم قد يبس . وتهشم الشجر تهشما إذا تكسر من يبسه . وصارت الأرض هشيما أي صار ما عليها من النبات والشجر قد يبس وتكسر . وقال أبو حنيفة : انهشمت الإبل فتهشمت خارت وضعفت . وتهشم الرجل : استعطفه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          حلو الشمائل مكراما خليقته     إذا تهشمته للنائل اختالا

                                                          ورجل هشيم : ضعيف البدن . وتهشم عليه فلان إذا تعطف . أبو عمرو بن العلاء : تهشمته للمعروف ، وتهضمته إذا طلبته عنده . أبو زيد : تهشمت فلانا أي ترضيته ; وأنشد :


                                                          إذا أغضبتكم فتهشموني     ولا تستعتبوني بالوعيد

                                                          أي ترضوني . وتقول : اهتشمت نفسي لفلان واهتضمتها له إذا رضيت منه بودن النصفة . وهشم الرجل : أكرمه وعظمه . وهشم الناقة هشما : حلبها ; وقال ابن الأعرابي : هو الحلب بالكف كلها . ويقال : هشمت ما في ضرع الناقة واهتشمت أي احتلبت . والهشم : الجبال الرخوة . والهشم : الحلابون اللبن الحذاق ، واحدهم هاشم . قال أبو حنيفة : ومن بواطن الأرض المنبتة الهشوم ، واحدها هشم ، وهو ما تصوب من لين ورقه . ابن شميل : الهشوم من الأرض المكان المتنقر منها ، المتصوب من غيطانها في لين الأرض وبطونها . وكل غائط يكون وطيئا فهو هشم . ابن شميل : الهشوم ما تطامن من الأرض ، واحدها هشم . أبو عمرو : الهشم الأرض المجدبة . وقال قتادة في قوله تعالى : وترى الأرض هامدة ، قال : تراها غبراء متهشمة ; قال أبو منصور : وإنما تتهشم الأرض إذا طال عهدها بالمطر ، فإذا مطرت ذهب تهشمها ; وأنشد شمر لابن سماعة الذهلي في تهشم الأرض :


                                                          وأخلف أنواء ففي وجه أرضها [ ص: 67 ]     قشعريرة من جلدها وتهشم

                                                          قال ابن شميل : أرض جرباء لم يصبها مطر ولا نبت تراها متهشمة ; الأزهري : أنشد المبرد لابن ميادة قول ابن عثمان بن حبان المري في فتنة محمد بن عبد الله بن حسن ، وكان أشار عليه بأن يعتزل القوم فلم يفعل فقتل ، فقال ابن ميادة :


                                                          أمرتك يا رياح بأمر حزم     فقلت هشيمة من أهل نجد
                                                          نهيتك عن رجال من قريش     على محبوكة الأصلاب جرد
                                                          ووجدا ما وجدت على رياح     وما أغنيت شيئا غير وجدي

                                                          قال : قوله : هشيمة تأويله ضعف ، وأصل الهشيم النبت إذا ولى وجف فأذرته الريح ; قال الله - عز وجل - : فأصبح هشيما تذروه الرياح . وناقة مهشام : سريعة الهزال ، وناقة مشياط : سريعة السمن . والهشمة : الأروية ، وجمعها هشمات . ويقال للرجل الهرم : إنه لهشم أهشام . وهشام وهاشم وهشيم وهيشم وهيشمان كلها : أسماء ، والأصل فيها كلها الهشم ، وهو الكسر . والهشم أيضا : الحلب . ومهشمة : موضع ; أنشد ثعلب :


                                                          يا رب بيضاء على مهشمه     أعجبها أكل البعير الينمه

                                                          أعجبها أي حملها على التعجب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية