الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ همس ]

                                                          همس : الهمس : الخفي من الصوت والوطء والأكل ، وقد همسوا الكلام همسا . وفي التنزيل : فلا تسمع إلا همسا ; في التهذيب : يعني به ، والله أعلم ، خفق الأقدام على الأرض ، وقال الفراء : يقال : إنه نقل الأقدام إلى المحشر ، ويقال : إنه الصوت الخفي ; وروي عن ابن عباس أنه تمثل فأنشد :


                                                          وهن يمشين بنا هميسا

                                                          قال : وهو صوت نقل أخفاف الإبل ; وروي عن ابن الأعرابي قال : ويقال اهمس وصه أي امش خفيا واسكت . ويقال : همسا وصه وهسا وصه ، قال : وهذا سارق ، قال لصاحبه : امش خفيا واسكت . وفي الحديث : فجعل بعضنا يهمس إلى بعض ; الهمس : الكلام الخفي لا يكاد يفهم ; ومنه الحديث : كان إذا صلى العصر همس . الجوهري : همس الأقدام أخفى ما يكون من صوت الوطء . والأسد الهموس : الخفي الوطء ; قال رؤبة يصف نفسه بالشدة :


                                                          ليث يدق الأسد الهموسا     والأقهبين الفيل والجاموسا

                                                          والشيطان يوسوس فيهمس بوسواسه في صدر ابن آدم . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتعوذ بالله من همز الشيطان ولمزه وهمسه ، هو ما يوسوسه في الصدر . والهمز : كلام من وراء القفا كالاستهزاء ، واللمز : مواجهة . قال أبو الهيثم : إذا أسر الكلام وأخفاه فذلك الهمس من الكلام . قال شمر : الهمس من الصوت والكلام ما لا غور له في الصدر ، وهو ما همس في الفم . والهموس والهميس ، جميعا : كالهمس في جميع هذه الأشياء ، وقيل : الهميس المضغ الذي لا يفغر به الفم ، وكذلك المشي الخفي الحس ، وإذا مضغ الرجل من الطعام وفوه منضم ، قيل : همس يهمس همسا ; وأنشد :


                                                          يأكلن ما في رحلهن همسا

                                                          والهمس : أكل العجوز الدرداء . والهمس والهميس : حس الصوت في الفم مما لا إشراب له من صوت الصدر ولا جهارة في المنطق ولكنه كلام مهموس في الفم كالسر . وتهامس القوم : تساروا ; قال :


                                                          فتهامسوا سرا وقالوا عرسوا     في غير تمئنة بغير معرس

                                                          والحروف المهموسة عشرة أحرف يجمعها قولك ( حثه شخص فسكت ) وفي المحكم : يجمعها في اللفظ قولك : ( ستشحثك خصفه ) ، وهي الهاء والحاء والخاء والكاف والشين والصاد والتاء والسين والثاء والفاء ; قال سيبويه : وأما المهموس فحرف ضعف الاعتماد من موضعه حتى جرى معه النفس ; قال بعض النحويين : وأنت تعتبر [ ص: 92 ] ذلك بأنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جري الصوت نحو ( سسسس ، كككك ، هههه ) ولو تكلفت ذلك في المجهور لما أمكنك . قال ابن جني : فأما حروف الهمس فإن الصوت الذي يخرج معها نفس ، وليس من صوت الصدر ، إنما يخرج منسلا وليس كنفح الزاي والظاء والذال والصاد ، والراء شبيهة بالضاد . الأزهري : وأخذته أخذا همسا أي شديدا ، ويقال : عصرا . وهمسه إذا عصره ; وقال الكميت فجعل الناقة هموسا :


                                                          غريرية الأنساب أو شدقمية     هموسا تباري اليعملات الهوامسا

                                                          وفي رجز مسيلمة : والذئب الهامس ، والليل الدامس ; الهامس : الشديد . وأسد هموس وهماس : شديد الغمز بضرسه ; قال الهذلي :


                                                          يحمي الصريمة أحدان الرجال     له صيد ومجترئ بالليل هماس

                                                          والهموس : من أسماء الأسد لأنه يهمس في الظلمة ثم جعل ذلك اسما يعرف به ; يقال : أسد هموس ; قال أبو زبيد :


                                                          بصير بالدجى هاد هموس

                                                          قال أبو الهيثم : سمي الأسد هموسا لأنه يهمس همسا أي يمشي مشيا بخفية فلا يسمع صوت وطئه . وأسد هموس : يمشي قليلا قليلا . يقال : همس ليله أجمع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية