الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            لا يسمع من الخصم إلا دعوى واحدة في المجلس .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يسمع بينة في مجلس إلا في حكم واحد ، فإذا فرغ أقامه ودعا الذي بعده " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا نظر بين السابق وبين خصمه في دعوى ، بت الحكم فيها ، ثم استأنف دعوى ثانية فإن كانت على غير الخصم الأول لم يسمعها إلا في مجلس ثان ، لأن سبقه في هذا المجلس مستحق لحكم واحد . ولو جاز أن يستحق به محاكمة جماعة لاستوعب جميع المجلس في حق نفسه ، وأضر بغيره .

                                                                                                                                            وإن كانت الدعوى الثانية على الخصم الأول ، ففي جواز سماعها منه بسبقه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يسمعها لأنها مع خصم واحد .

                                                                                                                                            والثاني : لا يسمعها ؛ لأنها في محاكمة أخرى .

                                                                                                                                            ولو أن المدعى عليه بعد انبرام الحكم معه استأنف دعوى على المدعي ، فإن لم يكن اسمه ثابتا في رقعة المدعي لم يسمعها .

                                                                                                                                            [ ص: 292 ] وإن كان اسمه ثابتا في رقعة المدعي ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهم : يسمع دعواه بهذا السبق . وهو قول من يرى إثبات اسمه في رقعة المدعي .

                                                                                                                                            والثاني : لا يسمعها إلا في مجلس آخر .

                                                                                                                                            وهو الذي أراه صوابا ، لأن اسمه لم يثبت فيها لحقه وإنما ثبت لحق غيره .

                                                                                                                                            فإن كان هذا المدعي محاكما في آخر المجلس الذي لم يبق فيه سبق لغيره جاز أن تسمع منه دعواه على واحد وعلى جماعة ، وجاز أن تسمع دعوى الخصم عليه وعلى غيره ، ما كان في المجلس بقية .

                                                                                                                                            فإن كان هذا المدعي سابقا فادعى على اثنين معا في حالة واحدة ، فإن كانت الدعوى مختلفة لم تسمع منه إلا على واحد ، وإن كانت الدعوى واحدة كادعائه ابتياع دار منهما ، أو بيع دار عليهما ، جاز أن تسمع دعواه عليهما : لأنها محاكمة واحدة بين طالب ومطلوبين .

                                                                                                                                            ولو اجتمع اثنان في الدعوى على واحد ، فإن اختلفت دعواهما لم تسمع إلا من أحدهما وإن لم تختلف دعواهما لادعائهم ميراثا بينهما أو ادعائهما عليه ابتياع دار لهما جاز أن تسمع دعواهما عليه : لأنها محاكمة واحدة بين طالبين ومطلوب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية