الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ همم ]

                                                          همم : الهم : الحزن ، وجمعه هموم ، وهمه الأمر هما ومهمة وأهمه فاهتم واهتم به . ولا همام لي : مبنية على الكسر مثل قطام أي لا أهم . ويقال : لا مهمة لي ، بالفتح ، ولا همام ، أي لا أهم بذلك ، ولا أفعله ; قال الكميت يمدح أهل البيت :


                                                          إن أمت لا أمت ونفسي نفسا ن من الشك في عمى أو تعام     عادلا غيرهم من الناس طرا
                                                          بهم لا همام لي لا همام

                                                          أي لا أهم بذلك ، وهو مبني على الكسر مثل قطام ; يقول : لا أعدل بهم أحدا ، قال : ومثل قوله : لا همام قراءة من قرأ : لا مساس ، قال ابن جني : هو الحكاية كأنه قال : مساس ، فقال لا مساس ، وكذلك قال في همام إنه على الحكاية ، لأنه لا يبنى على الكسر ، وهو يريد به الخبر . وأهمني الأمر إذا أقلقك وحزنك . والاهتمام : الاغتمام ، واهتم له بأمره . قال أبو عبيد في باب قلة اهتمام الرجل بشأن صاحبه : همك ما همك ، ويقال : همك ما أهمك ; جعل ما نفيا في قوله ما أهمك ، أي لم يهمك همك ، ويقال : معنى ما أهمك أي ما أحزنك ، وقيل : ما أقلقك ، وقيل : ما أذابك . والهمة : واحدة الهمم . والمهمات من الأمور : الشدائد المحرقة . وهمه السقم يهمه هما أذابه وأذهب لحمه . وهمني المرض : أذابني . وهم الشحم يهمه هما : أذابه ; وانهم هو . والهاموم : ما أذيب من السنام ; قال العجاج يصف بعيرا :


                                                          وانهم هاموم السديف     الهاري عن جرز منه وجوز عاري

                                                          أي ذهب سمنه . والهاموم من الشحم : كثير الإهالة . والهاموم : ما يسيل من الشحمة إذا شويت ، وكل شيء ذائب يسمى هاموما . ابن الأعرابي : هم إذا أغلي . وهم إذا غلى . الليث : الانهمام في ذوبان الشيء واسترخائه بعد جموده وصلابته ، مثل الثلج إذا ذاب ، تقول : انهم . وانهمت البقول إذا طبخت في القدر . وهمت الشمس الثلج : أذابته . وهم الغزر الناقة يهمها هما : جهدها كأنه أذابها ، وانهم الشحم والبرد : ذابا ; قال :


                                                          يضحكن عن كالبرد المنهم     تحت عرانين أنوف شم

                                                          والهمام : ما ذاب منه ، وقيل : كل مذاب مهموم ; وقوله :


                                                          يهم فيها القوم هم الحم

                                                          معناه يسيل عرقهم حتى كأنهم يذوبون . وهمام الثلج : ما سال من مائه إذا ذاب ; وقال أبو وجزة :


                                                          نواصح بين حماوين أحصنتا     ممنعا كهمام الثلج بالضرب

                                                          أراد بالنواصح الثنايا . ويقال : هم اللبن في الصحن إذ حلبه ، وانهم العرق في جبينه إذا سال ; وقال الراعي في الهماهم بمعنى الهموم :

                                                          طرقا فتلك هماهمي أقريهما قلصا لواقح كالقسي وحولا وهم بالشيء يهم هما : نواه وأراده وعزم عليه . وسئل ثعلب عن قوله - عز وجل - : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ; قال : [ ص: 95 ] همت زليخا بالمعصية مصرة على ذلك ، وهم يوسف - عليه السلام - بالمعصية ولم يأتها ولم يصر عليها ، فبين الهمتين فرق . قال أبو حاتم : وقرأت غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله : ولقد همت به وهم بها ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير كأنه أراد : ولقد همت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها . وقوله - عز وجل - : وهموا بما لم ينالوا ; كان طائفة عزموا على أن يغتالوا سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، وقفوا له على طريقه ، فلما بلغهم أمر بتنحيتهم عن طريقه ، وسماهم رجلا رجلا ; وفي حديث سطيح :


                                                          شمر فإنك ماضي الهم شمير

                                                          أي إذا عزمت على أمر أمضيته . والهم : ما هم به في نفسه ، تقول : أهمني هذا الأمر . والهمة والهمة : ما هم به من أمر ليفعله . وتقول : إنه لعظيم الهم ، وإنه لصغير الهمة ، وإنه لبعيد الهمة والهمة ، بالفتح . والهمام : الملك العظيم الهمة ، وفي حديث قس : أيها الملك الهمام ، أي العظيم الهمة . ابن سيده : الهمام اسم من أسماء الملك لعظم همته ، وقيل : لأنه إذا هم بأمر أمضاه لا يرد عنه بل ينفذ كما أراد ، وقيل : الهمام السيد الشجاع السخي ، ولا يكون ذلك في النساء . والهمام : الأسد ، على التشبيه ، وما يكاد ولا يهم كودا ولا مكادة وهما ولا مهمة . والهمة والهمة : الهوى . وهذا رجل همك من رجل وهمتك من رجل أي حسبك . والهم ، بالكسر : الشيخ الكبير البالي ، وجمعه أهمام . وحكى كراع : شيخ همة ، بالهاء ، والأنثى همة بينة الهمامة ، والجمع همات وهمائم ، على غير قياس ، والمصدر الهمومة والهمامة ، وقد انهم ، وقد يكون الهم والهمة من الإبل ; قال :


                                                          وناب همة لا خير فيها     مشرمة الأشاعر بالمداري

                                                          ابن السكيت : الهم من الحزن ، والهم مصدر هم الشحم يهمه إذا أذابه . والهم : مصدر هممت بالشيء هما . والهم : الشيخ البالي ; قال الشاعر :


                                                          وما أنا بالهم الكبير ولا الطفل

                                                          وفي الحديث : أنه أتي برجل هم ; الهم ، بالكسر : الكبير الفاني . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : كان يأمر جيوشه أن لا يقتلوا هما ولا امرأة . وفي شعر حميد :


                                                          فحمل الهم كنازا جلعدا

                                                          والهامة : الدابة . ونعم الهامة هذا : يعني الفرس ; وقال ابن الأعرابي : ما رأيت هامة أحسن منه ; يقال ذلك للفرس والبعير ولا يقال لغيرهما . ويقال للدابة : نعم الهامة هذا ، وما رأيت هامة أكرم من هذه الدابة ، يعني الفرس ، الميم مشددة . والهميم : الدبيب . وقد هممت أهم ، بالكسر ، هميما . والهميم : دواب هوام الأرض . والهوام : ما كان من خشاش الأرض نحو العقارب وما أشبهها ، الواحدة هامة ، لأنها تهم أي تدب ، وهميمها دبيبها ; قال ساعدة بن جؤية الهذلي يصف سيفا :


                                                          ترى أثره في صفحتيه كأنه     مدارج شبثان لهن هميم

                                                          وقد همت تهم ، ولا يقع هذا الاسم إلا على المخوف من الأحناش . وروى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يعوذ الحسن والحسين ، فيقول : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من شر كل شيطان وهامة ومن شر كل عين لامة ، ويقول : هكذا كان إبراهيم يعوذ إسماعيل وإسحاق - عليهم السلام - . قال شمر : هامة واحدة الهوام ، والهوام : الحيات ، وكل ذي سم يقتل سمه ، وأما ما لا يقتل ويسم فهو السوام ، مشددة الميم ، لأنها تسم ولا تبلغ أن تقتل مثل الزنبور والعقرب وأشباهها ، قال : ومنها القوام ، وهي أمثال القنافذ والفأر واليرابيع والخنافس ، فهذه ليست بهوام ولا سوام ، والواحدة من هذه كلها هامة ، وسامة ، وقامة . وقال ابن بزرج : الهامة الحية ، والسامة العقرب . يقال للحية : قد همت الرجل ، وللعقرب : قد سمته ، وتقع الهامة على غير ذوات السم القاتل ، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة : أيؤذيك هوام رأسك ؟ أراد بها القمل ، سماها هوام لأنها تدب في الرأس وتهم فيه . وفي التهذيب : وتقع الهوام على غير ما يدب من الحيوان ، وإن لم يقتل كالحشرات . ابن الأعرابي : هم لنفسك ولا تهم لهؤلاء أي اطلب لها واحتل . الفراء : ذهبت أتهممه أنظر أين هو ، وروي عنه أيضا : ذهبت أتهممه أي أطلبه . وتهمم الشيء : طلبه . والهميمة : المطر الضعيف ، وقيل : الهميمة من المطر الشيء الهين ، والتهميم نحوه ; قال ذو الرمة :


                                                          مهطولة من رياض الخرج     هيجها من لف سارية لوثاء

                                                          تهميم والهميمة : مطر لين دقاق القطر . والهموم : البئر الكثيرة الماء ; وقال :


                                                          إن لنا قليذما هموما     يزيده مخج الدلا جموما

                                                          وسحابة هموم : صبوب للمطر . والهميمة من اللبن : ما حقن في السقاء الجديد ثم شرب ولم يمخض . وتهمم رأسه : فلاه . وهممت المرأة في رأس الصبي : وذلك إذا نومته بصوت ترققه له . ويقال : هو يتهمم رأسه أي يفليه . وهممت المرأة في رأس الرجل : فلته . وهو من همانهم أي خشارتهم ، كقولك من خمانهم . وهمام : اسم رجل . والهمهمة : الكلام الخفي ، وقيل : الهمهة تردد الزئير في الصدر من الهم والحزن ، وقيل : الهمهمة ترديد الصوت في الصدر ; أنشد ابن بري لرجل قاله يوم الفتح يخاطب امرأته :


                                                          إنك لو شهدتنا بالحندمه     إذ فر صفوان وفر عكرمه
                                                          وأبو يزيد قائم كالمؤتمه     واستقبلتهم بالسيوف المسلمه
                                                          يقطعن كل ساعد وجمجمه     ضربا فما تسمع إلا غمغمه
                                                          لهم نهيت خلفنا وهمهمه     لم تنطقي باللوم أدنى كلمه

                                                          وأنشد هذا الرجز هنا : الحندمه ، بالحاء المهملة ، وأنشده في ترجمة خندم ، بالخاء المعجمة . والهمهمة : نحو أصوات البقر والفيلة وأشباه ذلك . والهماهم : من أصوات الرعد نحو الزمازم . وهمهم الرعد إذا سمعت له دويا . وهمهم الأسد ، وهمهم الرجل إذا لم يبين كلامه . [ ص: 96 ] والهمهمة : الصوت الخفي ، وقيل : هو صوت معه بحح . ويقال للقصب إذا هزته الريح : إنه لهمهوم . قال ابن بري : الهمهم المصوت ; قال رؤبة :


                                                          هز الرياح القصب الهمهوما

                                                          وقيل : الهمهمة ترديد الصوت في الصدر . وفي حديث ظبيان : خرج في الظلمة فسمع همهمة أي كلاما خفيا لا يفهم ، قال : وأصل الهمهمة صوت البقرة . وقصب همهوم : مصوت عند تهزيز الريح . وعكر همهوم : كثير الأصوات ; قال الحكم الخضري ، وأنشده ابن بري مستشهدا به على الهمهوم الكثير :


                                                          جاء يسوق العكر الهمهوما     السجوري لا رعى مسيما

                                                          والهمهومة والهمهامة : العكرة العظيمة . وحمار همهيم : يهمهم في صوته يردد النهيق في صدره ; قال ذو الرمة يصف الحمار والأتن :


                                                          خلى لها سرب أولاها وهيجها     من خلفها لاحق الصقلين

                                                          همهيم والهمهيم : الأسد ، وقد همهم . قال اللحياني : وسمع الكسائي رجلا من بني عامر يقول : إذا قيل لنا أبقي عندكم شيء ؟ قلنا : همهام وهمهام يا هذا ، أي لم يبق شيء ; قال :


                                                          أولمت يا خنوت شر إيلام     في يوم نحس ذي عجاج مظلام
                                                          ما كان إلا كاصطفاق الأقدام     حتى أتيناهم فقالوا همهام

                                                          أي لم يبق شيء . قال ابن بري : رواه ابن خالويه : خنوت على مثال سنور ، قال : وسألت عنه أبا عمر الزاهد فقال : هو الخسيس . وقال ابن جني : همهام وحمحام ومحماح اسم لفتى مثل سرعان ووشكان وغيرهما من أسماء الأفعال التي استعملت في الخبر . وجاء في الحديث : أحب الأسماء إلى الله عبد الله وهمام . وفي رواية : أصدق الأسماء حارثة وهمام ، وهو فعال من هم بالأمر يهم إذا عزم عليه ، وإنما كان أصدقها لأنه ما من أحد إلا وهو يهم بأمر ، رشد أم غوي . أبو عمرو : الهموم الناقة الحسنة المشية ، والقرواح التي تعاف الشرب مع الكبار ، فإذا جاءت الدهداه شربت معهن ، وهي الصغار . والهموم : الناقة تهمم الأرض بفيها وترتع أدنى شيء تجده ، قال : ومنه قول ابنة الخس : خير النوق الهموم الرموم ، التي كأن عينيها عينا محموم . وقوله في الحديث في أولاد المشركين : هم من آبائهم ، وفي رواية : هم منهم ، أي حكمهم حكم آبائهم وأهلهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية