الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ من لا يجوز أن يحكم له القاضي ] .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وكل ما حكم به لنفسه وولده ووالده ومن لا تجوز له شهادته رد حكمه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما حكمه لنفسه فمردود كما ترد شهادته لنفسه ؛ لأنه مؤتمن في حق غيره لا في حق نفسه .

                                                                                                                                            وأما حكمه على نفسه فمقبول .

                                                                                                                                            وهل يكون إقرارا أو حكما ؟ فيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون إقرارا ، فعلى هذا يصح في كل ما يصح الإقرار به ويرد فيما لا [ ص: 339 ] يلزم بالإقرار ، كشفعة الجوار إذا قال : قد حكمت بها على نفسي للجار ، لم ينفذ حكمه بها على نفسه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يكون حكما على نفسه ، فإذا حكم عليها بشفعة الجوار لزمته ، وإذا حكم عليه بمقاسمة الإخوة للجد في الميراث وكان جدا نفذ حكمه ، وإن كان أخا لم ينفذ حكمه : لأنه حكم لها .

                                                                                                                                            فأما حكمه لأحد من والديه ، وإن يعلوا ، أو لأحد من مولوديه وإن سفلوا ، فمردود في قول جمهور الفقهاء . وحكي عن أبي ثور جوازه .

                                                                                                                                            وهذا خطأ ؛ لأن الحكم أقوى من الشهادة ، وهو ممنوع من الشهادة لهم ، فكان أولى أن يمنع من الحكم لهم .

                                                                                                                                            فأما حكمه على والديه ومولوديه فجائز : لأنه لما جازت شهادته عليهم جاز حكمه عليهم .

                                                                                                                                            فأما من عدا طرفيه الأعلى والأسفل من أقاربه كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم ، فيجوز أن يحكم لهم وعليهم كما يجوز أن يشهد لهم وعليهم .

                                                                                                                                            فلو تحاكم إليه ولده ووالده فحكم لأحدهما على الآخر ففي جوازه وجهان محتملان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز : لأنه حكم لوالده وولده .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز : لأنهما قد استويا في البعضية فانتفت عنه تهمة الممايلة ، فصار حاكما على والد أو ولد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية