الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ هود ]

                                                          هود : الهود : التوبة ، هاد يهود هودا وتهود : تاب ورجع إلى الحق فهو هائد . وقوم هود : مثل حائل وحول ، وبازل وبزل ; قال أعرابي :


                                                          إني امرؤ من مدحه هائد

                                                          وفي التنزيل العزيز : إنا هدنا إليك ; أي تبنا إليك ، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم . قال ابن سيده : عداه بإلى ; لأن فيه معنى رجعنا ، وقيل : معناه تبنا إليك ورجعنا وقربنا من المغفرة ; وكذلك قوله تعالى : فتوبوا إلى بارئكم ; وقال تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا ; وقال زهير :


                                                          سوى ربع لم يأت فيها مخافة     ولا رهقا من عابد متهود

                                                          قال : المتهود المتقرب . شمر : المتهود المتوصل بهوادة إليه ; قال : قاله ابن الأعرابي . والتهود : التوبة والعمل الصالح . والهوادة : الحرمة والسبب . ابن الأعرابي : هاد إذا رجع من خير إلى شر أو من شر إلى خير ، وهاد إذا عقل . ويهود : اسم للقبيلة ; قال :


                                                          أولئك أولى من يهود بمدحة     إذا أنت يوما قلتها لم تؤنب

                                                          وقيل : إنما اسم هذه القبيلة يهوذ ، فعرب بقلب الذال دالا ; قال ابن سيده : وليس هذا بقوي . وقالوا اليهود فأدخلوا الألف واللام فيها على إرادة النسب يريدون اليهوديين . وقوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ; معناه دخلوا في اليهودية . وقال الفراء في قوله تعالى : وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ; قال : يريد يهودا ، فحذف الياء الزائدة ورجع إلى الفعل من اليهودية ، وفي قراءة أبي : ( إلا من كان يهوديا أو نصرانيا ) ; قال : وقد يجوز أن يجعل هودا جمعا واحده هائد ، مثل حائل وعائط من النوق ، والجمع حول وعوط ، وجمع اليهودي يهود ، كما يقال في المجوسي مجوس ، وفي العجمي والعربي عجم وعرب . والهود : اليهود ، هادوا يهودون هودا . وسميت اليهود اشتقاقا من هادوا أي تابوا ، وأرادوا باليهود اليهوديين ولكنهم حذفوا ياء الإضافة كما قالوا زنجي وزنج ، وإنما عرف على هذا الحد فجمع على قياس شعيرة وشعير ، ثم عرف الجمع بالألف واللام ، ولولا ذلك لم يجز دخول الألف واللام عليه ، لأنه معرفة مؤنث فجرى في كلامهم مجرى القبيلة ، ولم يجعل كالحي ; وأنشد علي بن سليمان النحوي :


                                                          فرت يهود وأسلمت جيرانها     صمي لما فعلت يهود صمام

                                                          قال ابن بري : البيت للأسود بن يعفر . قال يعقوب : معنى صمي اخرسي يا داهية ، وصمام اسم الداهية علم ، مثل قطام وحذام أي صمي يا صمام ; ومنهم من يقول : الضمير في صمي يعود على الأذن أي صمي يا أذن لما فعلت يهود . وصمام اسم للفعل مثل نزال ، وليس بنداء . وهود الرجل : حوله إلى ملة يهود . قال سيبويه : وفي الحديث : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه أو ينصرانه ، معناه أنهما يعلمانه دين اليهودية والنصارى ، ويدخلانه فيه . والتهويد : أن يصير الإنسان يهوديا . وهاد وتهود إذا صار يهوديا . والهوادة : اللين وما يرجى به الصلاح بين القوم . وفي الحديث : لا تأخذه في الله هوادة أي لا يسكن عند حد الله ولا يحابي فيه أحدا . والهوادة : السكون والرخصة والمحاباة . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أتي بشارب ، فقال : لأبعثنك إلى رجل لا تأخذه فيك هوادة . والتهويد والتهواد والتهود : الإبطاء في السير واللين والترفق . والتهويد : المشي الرويد مثل الدبيب ونحوه ، وأصله من الهوادة . والتهويد : السير الرفيق . وفي حديث عمران بن حصين أنه أوصى عند موته : إذا مت فخرجتم بي ، فأسرعوا المشي ، ولا تهودوا كما تهود اليهود والنصارى . وفي حديث ابن مسعود : إذا كنت في الجدب [ ص: 108 ] فأسرع السير ولا تهود أي لا تفتر . قال : وكذلك التهويد في المنطق ، وهو الساكن ; يقال : غناء مهود ; وقال الراعي يصف ناقة :


                                                          وخود من اللائي تسمعن بالضحى     قريض الردافى بالغناء المهود

                                                          قال : وخود ، الواو أصلية ليست بواو العطف ، وهو من وخد يخد إذا أسرع . أبو مالك : وهود الرجل إذا سكن . وهود إذا غنى . وهود إذا اعتمد على السير ; وأنشد :


                                                          سيرا يراخي منة الجليد     ذا قحم وليس بالتهويد

                                                          أي ليس بالسير اللين . والتهويد أيضا : النوم . وتهويد الشراب : إسكاره . وهوده الشراب إذا فتره فأنامه ; وقال الأخطل :


                                                          ودافع عني يوم جلق غمزه     وصماء تنسيني الشراب المهودا

                                                          والهواده : الصلح والميل . والتهويد والتهواد : الصوت الضعيف اللين الفاتر . والتهويد : هدهدة الريح في الرمل ولين صوتها فيه . والتهويد : تجاوب الجن للين أصواتها وضعفها ; قال الراعي :


                                                          يجاوب البوم تهويد العزيف به     كما يحن لغيث جلة خور

                                                          وقال ابن جبلة : التهويد الترجيع بالصوت في لين . والهوادة : الرخصة ، وهو من ذلك ; لأن الأخذ بها ألين من الأخذ بالشدة . والمهاودة : الموادعة . والمهاودة : المصالحة والممايلة . والمهود : المطرب الملهي ; عن ابن الأعرابي . والهودة ، بالتحريك : أصل السنام . شمر : الهودة مجتمع السنام وقحدته ، والجمع هود ; وقال :


                                                          كوم عليها هود أنضاد

                                                          وتسكن الواو فيقال هودة .

                                                          وهود : اسم النبي - صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم - ينصرف ، تقول : هذه هود إذا أردت سورة هود ، وإن جعلت هودا اسم السورة لم تصرفه ، وكذلك نوح ونون ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية