الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ هيم ]

                                                          هيم : هامت الناقة تهيم : ذهبت على وجهها لرعي كهمت ، وقيل : هو مقلوب عنه . والهيام : كالجنون ، وفي التهذيب : كالجنون من العشق . ابن شميل : الهيام نحو الدوار جنون يأخذ البعير حتى يهلك ، يقال : بعير مهيوم . والهيم : داء يأخذ الإبل في رءوسها . والهائم : المتحير . وفي حديث عكرمة : كان علي أعلم بالمهيمات ; يقال : هام في الأمر يهيم إذا تحير فيه ، ويروى المهيمنات ، وهو أيضا الذاهب على وجهه عشقا ، هام بها هيما وهيوما وهياما وهيمانا وتهياما ، وهو بناء موضوع للتكثير ; قال أبو الأخزر الحماني :


                                                          فقد تناهيت عن التهيام

                                                          قال سيبويه : هذا باب ما تكثر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزوائد وتبنيه بناء آخر ، كما أنك قلت في فعلت فعلت ، حين كثرت الفعل ، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التفعال كالتهذار ونحوها ، وليس شيء من هذا مصدر فعلت ، ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فعلت على فعلت ; وقول كثير :


                                                          وإني وتهيامي بعزة بعدما     تخليت مما بيننا وتخلت

                                                          قال ابن جني : سألت أبا علي فقلت له : ما موضع تهيامي من الإعراب ؟ فأفتى بأنه مرفوع بالابتداء ، وخبره قوله بعزة ، وجعل الجملة التي هي تهيامي بعزة اعتراضا بين إن وخبرها ; لأن في هذا أضربا من التشديد للكلام ، كما تقول : إنك ، فاعلم ، رجل سوء ، وإنه ، والحق أقول ، جميل المذهب ، وهذا الفصل والاعتراض الجاري مجرى التوكيد كثير في كلامهم ، قال : وإذا جاز الاعتراض بين الفعل والفاعل في نحو قوله :


                                                          وقد أدركتني والحوادث جمة     أسنة قوم لا ضعاف ولا عزل

                                                          كان الاعتراض بين اسم إن وخبرها أسوغ ، وقد يحتمل بيت كثير أيضا تأويلا آخر غير ما ذهب إليه أبو علي ، وهو أن يكون تهيامي في موضع جر على أنه أقسم به كقولك : إني ، وحبك ، لضنين بك ، قال ابن جني : وعرضت هذا الجواب على أبي علي فتقبله ، ويجوز أن يكون تهيامي أيضا مرتفعا بالابتداء ، والباء متعلقة فيه بنفس المصدر الذي هو التهيام ، والخبر محذوف كأنه قال وتهيامي بعزة كائن أو واقع على ما يقدر في هذا ونحوه ، وقد هيمه الحب ; قال أبو صخر :


                                                          فهل لك طب نافع من علاقة     تهيمني بين الحشا والترائب

                                                          والاسم الهيام . ورجل هيمان : محب شديد الوجد . ابن السكيت : الهيم مصدر هام يهيم هيما وهيمانا إذا أحب المرأة . والهيام : العشاق . والهيام : الموسوسون ، ورجل هائم وهيوم . والهيوم : أن يذهب على وجهه ، وقد هام يهيم هياما . واستهيم فؤاده ، فهو مستهام الفؤاد أي مذهبه . والهيم : هيمان العاشق والشاعر إذا خلا في الصحراء . وقوله - عز وجل - : في كل واد يهيمون ; قال بعضهم : هو وادي الصحراء يخلو فيه العاشق والشاعر ، ويقال : هو وادي الكلام ، والله أعلم . الجوهري : هام على وجهه يهيم هيما وهيمانا ، ذهب من العشق وغيره . وقلب مستهام أي هائم . والهيام : داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض لا ترعى ، يقال : ناقة هيماء ; قال كثير :


                                                          فلا يحسب الواشون أن صبابتي     بعزة كانت غمرة فتجلت
                                                          وإني قد أبللت من دنف بها     كما أدنفت هيماء ثم استبلت

                                                          [ ص: 126 ] وقالوا : هم لنفسك ولا تهم لهؤلاء ، أي اطلب لها واهتم واحتل . وفلان لا يهتام لنفسه أي لا يحتال ; قال الأخطل :


                                                          فاهتم لنفسك يا جميع ولا     تكن لبني قريبة والبطون تهيم

                                                          والهيام ، بالضم : أشد العطش ; أنشد ابن بري :


                                                          يهيم وليس الله شاف هيامه     بغراء ما غنى الحمام وأنجدا

                                                          وشاف : في موضع نصب خبر ليس ، وإن شئت جعلته خبر الله ، وفي ليس ضمير الشأن . وقد هام الرجل هياما ، فهو هائم وأهيم ، والأنثى هائمة وهيماء ، وهيمان ، عن سيبويه ، والأنثى هيمى ، والجمع هيام . ورجل مهيوم وأهيم : شديد العطش ، والأنثى هيماء . الجوهري وغيره : والهيام ، بالكسر ، الإبل العطاش ، الواحد هيمان . الأزهري : الهيمان العطشان ، قال : وهو من الداء مهيوم . وفي حديث الاستسقاء : إذا اغبرت أرضنا وهامت دوابنا أي عطشت ، وقد هامت تهيم هيما ، بالتحريك . وناقة هيمى : مثل عطشان وعطشى . وقوم هيم أي عطاش ، وقد هاموا هياما . وقوله - عز وجل - : فشاربون شرب الهيم ، هي الإبل العطاش ، ويقال : الرمل ; قال ابن عباس : هيام الأرض ، وقيل : هيام الرمل ، وقال الفراء : شرب الهيم ، قال : الهيم الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الماء ، واحدها أهيم ، والأنثى هيماء ، قال : ومن العرب من يقول هائم ، والأنثى هائمة ، ثم يجمعونه على هيم ، كما قالوا عائط وعيط وحائل وحول ، وهي في معنى حائل إلا أن الضمة تركت في الهيم لئلا تصير الياء واوا ، ويقال : إن الهيم الرمل . يقول - عز وجل - : يشرب أهل النار كما تشرب السهلة . وقال ابن عباس : شرب الهيم ، قال : هيام الأرض ; الهيام ، بالفتح : تراب يخالطه رمل ينشف الماء نشفا ، وفي تقديره وجهان : أحدهما : أن الهيم جمع هيام ، جمع على فعل ثم خفف وكسرت الهاء لأجل الياء ، والثاني : أن تذهب إلى المعنى وأن المراد الرمال الهيم ، وهي التي لا تروى . يقال : رمل أهيم ; ومنه حديث الخندق : فعادت كثيبا أهيم ; قال : هكذا جاء في رواية ، والمعروف أهيل ، وقد تقدم . أبو الجراح : الهيام داء يصيب الإبل من ماء تشربه . يقال : بعير هيمان وناقة هيمى ، وجمعه هيام . والهيام والهيام : داء يصيب الإبل عن بعض المياه بتهامة يصيبها منه مثل الحمى ; وقال الهجري : هو داء يصيبها عن شرب النجل إذا كثر طحلبه واكتنفت الذبان به ، بعير مهيوم وهيمان . وفي حديث ابن عمر : أن رجلا باع منه إبلا هيما أي مراضا ، جمع أهيم ، وهو الذي أصابه الهيام ، وهو داء يكسبها العطش ; وقال بعضهم : الهيم الإبل الظماء ، وقيل : هي المراض التي تمص الماء مصا ولا تروى . الأصمعي : الهيام للإبل داء شبيه بالحمى تسخن عليه جلودها ، وقيل : إنها لا تروى إذا كانت كذلك . ومفازة هيماء : لا ماء بها ، وفي الصحاح : الهيماء المفازة لا ماء بها . والهيام ، بالفتح ، من الرمل : ما كان ترابا دقاقا يابسا ، وقيل : هو التراب أو الرمل الذي لا يتمالك أن يسيل من اليد للينه ، والجمع هيم مثل قذال وقذل ; ومنه قول لبيد :


                                                          يجتاب أصلا قالصا متنبذا     بعجوب أنقاء يميل هيامها

                                                          الهيام : الرمل الذي ينهار . والتهيم : مشية حسنة ; قال أبو عمرو : التهيم أحسن المشي ; وأنشد لخليد اليشكري :


                                                          أحسن من يمشي كذا تهيما

                                                          والهييماء : موضع ، وهو ماء لبني مجاشع ، يمد ويقصر ، قال الشاعر مجمع بن هلال :


                                                          وعاثرة يوم الهييما رأيتها وقد     ضمها من داخل الحب مجزع

                                                          قال ابن بري : هييما قوم من بني مجاشع ، قال : والسماع عند ابن القطاع . وهييما : ماء لبني مجاشع ، يمد ويقصر . الأزهري قال : قال عمارة : اليهماء الفلاة التي لا ماء فيها ، ويقال لها هيماء . وفي الحديث : فدفن في هيام من الأرض . وليل أهيم : لا نجوم فيه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية