الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون

                                                                                                                                                                                                نوف إليهم : نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية، كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرزق، وقيل: هم أهل الرياء، يقال للقراء منهم: أردت أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك، ولمن وصل الرحم وتصدق: فعلت حتى يقال، فقيل: ولمن قاتل فقتل: قاتلت حتى يقال فلان جريء، فقد قيل. وعن أنس بن مالك : هم اليهود والنصارى، إن أعطوا سائلا أو وصلوا رحما عجل لهم جزاء ذلك بتوسعة في الرزق وصحة في البدن، وقيل: هم الذين جاهدوا من المنافقين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسهم لهم في الغنائم، وقرئ: "يوف" بالياء على أن الفعل لله -عز وجل- ."وتوف إليهم "أعمالهم بالتاء على البناء للمفعول. وفي قراءة الحسن: "نوفي" بالتخفيف وإثبات الياء، لأن الشرط وقع ماضيا، كقوله [من البسيط]:


                                                                                                                                                                                                .............................. ... يقول: لا غائب ما لي ولا حرم



                                                                                                                                                                                                وحبط ما صنعوا فيها : وحبط في الآخرة ما صنعوه، أو صنيعهم، يعني: لم يكن له ثواب; لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا به الدنيا، وقد وفي إليهم ما أرادوا، [ ص: 189 ] وباطل ما كانوا يعملون : أي: كان عملهم في نفسه باطلا; لأنه لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له، وقرئ: "وبطل" على الفعل، وعن عاصم : "وباطلا" بالنصب، وفيه وجهان: أن تكون "ما" إبهامية، وينتصب بـ"يعملون"، ومعناه: وباطلا أي باطل كانوا يعملون، وأن تكون بمعنى المصدر على: وبطل بطلانا ما كانوا يعملون .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية