الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      كتاب القضاء والفتيا ( والقضاء ) مصدر قضى يقضي فهو قاض ، إذا حكم وإذا فصل وإذا حكم وإذا أمضى وإذا فرغ من الشيء وإذا خلق ، وقضى فلان واستقضى صار قاضيا ويسمى قاضيا لأنه يمضي الأحكام ويحكمها ويكون قضى بمعنى أوجب و ( جمعه ) أي القضاء ( أقضية ) وجمع مع أنه مصدر باعتبار أنواعه ( وهو ) أي القضاء ( الإلزام ) بالحكم الشرعي ( وفصل الخصومات ) والحكم إنشاء لذلك الإلزام إن كان فيه إلزام أو للإباحة والإطلاق إن كان الحكم في الإباحة كحكم الحاكم بأن الموات إذا بطل إحياؤه صار مباحا لجميع الناس قاله ابن قندس .

                                                                                                                      وفي الاختيارات الحاكم فيه صفات ثلاثة : فمن جهة الإثبات هو شاهد ، ومن جهة الأمر والنهي هو مفت ، ومن جهة الإلزام بذلك هو ذو سلطان انتهى .

                                                                                                                      وأركان القضاء خمسة : القاضي والمقضي به والمقضى فيه والمقضي له والمقضي عليه والأصل فيه قوله تعالى : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق } وقوله تعالى : { فلا [ ص: 286 ] وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت } وقوله صلى الله عليه وسلم { إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر } متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأجمع المسلمون على نصب القضاة للفصل بين الناس ( وهو ) أي القضاء ( فرض كفاية كالإمامة ) العظمى .

                                                                                                                      قال أحمد : لا بد للناس من حاكم لئلا تذهب حقوق الناس وقال الشيخ تقي الدين : قد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر ، وهو تنبيه على أنواع الاجتماع ( وإذا أجمع أهل بلد على تركه أثموا ) قال ابن حمدان : إن لم يحكموا في غيره لكن المخاطب بنصب القضاء الإمام كما يأتي ( وولايته ) أي القضاء ( رتبة دينية ونصبه شرعية وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به وأداء الحق فيه ) قال ابن مسروق : لأن أحكم يوما بحق أحب إلي من أن أغزو سنة في سبيل الله .

                                                                                                                      ( قال الشيخ : والواجب اتخاذها ) أي ولاية القضاء ( دينا وقربة فإنها من أفضل القربات ) { والأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } ( وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرياسة والمال بها انتهى ) .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية