الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أبد ]

                                                          أبد : الأبد : الدهر والجمع آباد وأبود ، وفي حديث الحج قال سراقة بن مالك : أرأيت متعتنا هذه ألعامنا أم للأبد ؟ فقال : بل هي للأبد ، وفي رواية : ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فقال : بل لأبد أبد ، وفي أخرى : بل لأبد الأبد ؛ أي : هي لآخر الدهر . وأبد أبيد ؛ كقولهم دهر دهير . ولا أفعل ذلك أبد الأبيد وأبد الآباد وأبد الدهر وأبيد الأبيد وأبد الأبدية ، وأبد الأبدين ليس على النسب ؛ لأنه لو كان كذلك لكانوا خلقاء أن يقولوا الأبديين ، قال ابن سيده : ولم نسمعه ، قال : وعندي أنه جمع الأبد بالواو والنون ، على التشنيع والتعظيم كما قالوا أرضون ، وقولهم لا أفعله أبد الآبدين كما تقول دهر الداهرين وعوض العائضين ، وقالوا في المثل : طال الأبد على لبد ، يضرب ذلك لكل ما قدم . والأبد : الدائم والتأبيد : التخليد . وأبد بالمكان يأبد ، بالكسر ، أبودا : أقام به ولم يبرحه . وأبدت به آبد أبودا كذلك . وأبدت البهيمة تأبد وتأبد أي توحشت . وأبدت الوحش تأبد وتأبد أبودا وتأبدت تأبدا : توحشت . والتأبد : التوحش . وأبد الرجل بالكسر : توحش ، فهو أبد ، قال أبو ذؤيب :


                                                          فافتن بعد تمام الظمء ناجية مثل الهراوة ثنيا بكرها أبد



                                                          أي : ولدها الأول قد توحش معها . والأوابد والأبد : الوحش ، الذكر آبد والأنثى آبدة ، وقيل : سميت بذلك لبقائها على الأبد ، قال الأصمعي : لم يمت وحشي حتف أنفه قط إنما موته عن آفة وكذلك الحية فيما زعموا ، وقال عدي بن زيد :


                                                          وذي تناوير ممعون له صبح     يغذو أوابد قد أفلين أمهارا



                                                          يعني بالأمهار جحاشها . وأفلين : صرن إلى أن كبر أولادهن واستغنت عن الأمهات . والأبود : كالأبد ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          أرى الدهر لا يبقى على حدثانه     أبود بأطراف المناعة جلعد



                                                          قال رافع بن خديج : أصبنا نهب إبل فند منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش ، فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا ) الأوابد جمع آبدة ، وهي التي قد توحشت ونفرت من الإنس ، ومنه قيل للدار إذا خلا منها أهلها وخلفتهم الوحش بها : قد تأبدت ، قال لبيد :


                                                          بمنى تأبد غولها فرجامها



                                                          وتأبد المنزل أي : أقفر وألفته الوحوش . وفي حديث أم زرع : فأراح علي من كل سائمة زوجين ، ومن كل آبدة اثنتين ، تريد أنواعا من ضروب الوحش ، ومنه قولهم : جاء بآبدة ؛ أي : بأمر عظيم ينفر منه ويستوحش . وتأبدت الدار : خلت من أهلها وصار فيها الوحش ترعاه . وأتان أبد : وحشية . والآبدة : الداهية تبقى على الأبد . والآبدة : الكلمة أو الفعلة الغريبة . وجاء فلان بآبدة ؛ أي : بداهية يبقى ذكرها على الأبد . ويقال للشوارد من القوافي أوابد ، قال الفرزدق :


                                                          لن تدركوا كرمي بلؤم أبيكم     وأوابدي بتنحل الأشعار



                                                          ويقال للكلمة الوحشية : آبدة ، وجمعها الأوابد . ويقال للطير المقيمة بأرض شتاءها وصيفها : أوابد من أبد بالمكان يأبد فهو آبد ، فإذا كانت تقطع في أوقاتها فهي قواطع ، والأوابد ضد القواطع من الطير . وأتان أبد : في كل عام تلد . قال : وليس في كلام العرب فعل إلا أبد وأبل وبلح ونكح وخطب إلا أن يتكلف فيبنى على هذه الأحرف ما لم يسمع عن العرب ، ابن شميل : الأبد الأتان تلد كل عام ، قال أبو منصور : أبل وأبد مسموعان ، وأما نكح وخطب فما سمعتهما ولا حفظتهما عن ثقة ولكن يقال نكح وخطب . وقال أبو مالك : ناقة أبدة إذا كانت ولودا ، قيد جميع ذلك بفتح الهمزة ، قال الأزهري : وأحسبهما لغتين أبد وإبد . الجوهري : الإبد على وزن الإبل الولود من أمة أو أتان ، وقولهم :


                                                          لن يقلع الجد النكد     إلا بجد ذي الإبد
                                                          في كل ما عام تلد



                                                          والإبد هاهنا : الأمة لأن كونها ولودا حرمان وليس بجد ؛ أي : لا تزداد إلا شرا . والإبد : الجوارح من المال ، وهي الأمة والفرس الأنثى والأتان ينتجن في كل عام . وقالوا : لن يبلغ الجد النكد ، إلا الإبد ، في كل عام تلد ، يقول : لن يصل إليه فيذهب بنكده إلا المال الذي يكون منه المال . ويقال : وقف فلان أرضه وقفا مؤبدا إذا جعلها حبيسا لا تباع ولا تورث . وقال عبيد بن عمير : الدنيا أمد والآخرة أبد . وأبد عليه أبدا : غضب كعبد وأمد ووبد وومد عبدا وأمدا ووبدا وومدا . وأبيدة : موضع ، قال :


                                                          فما أبيدة من أرض فأسكنها     وإن تجاور فيها الماء والشجر



                                                          ومأبد : موضع ، قال ابن سيده : وعندي أنه مابد على فاعل ، وسنذكره في مبد . والأبيد : نبات مثل زرع الشعير سواء وله سنبلة كسنبلة الدخنة فيها حب صغير أصغر من الخردل وهي مسمنة للمال جدا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية