الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أرز ]

                                                          أرز : أرز يأرز أروزا : تقبض وتجمع وثبت فهو آرز وأروز ، ورجل أروز : ثابت مجتمع . الجوهري : أرز فلان يأرز أرزا وأروزا إذا تضام وتقبض من بخله ، فهو أروز . وسئل حاجة فأرز أي تقبض واجتمع ، قال رؤبة :


                                                          فذاك بخال أروز الأرز

                                                          يعني أنه لا ينبسط للمعروف ولكنه ينضم بعضه إلى بعض ، وقد أضافه إلى المصدر كما يقال عمر العدل و عمر الدهاء ، لما كان العدل والدهاء ، أغلب أحواله . وروي عن أبي الأسود الدؤلي أنه قال : إن فلانا إذا سئل أرز وإذا دعي اهتز ; يقول : إذا سئل المعروف تضام وتقبض من بخله ولم ينبسط له ، وإذا دعي إلى طعام أسرع إليه . ويقال للبخيل : أروز ، ورجل أروز البخل أي شديد البخل . وذكر ابن سيده قول أبي الأسود أنه قال : إن اللئيم إذا سئل أرز وإن الكريم إذا سئل اهتز . واستشير أبو الأسود في رجل يعرف أو يولى فقال : عرفوه فإنه أهيس أليس ألد ملحس إن أعطي انتهز وإن سئل أرز . وأرزت الحية تأرز : ثبتت في مكانها ، وأرزت أيضا : لاذت بجحرها ورجعت إليه . وفي الحديث : إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ; قال الأصمعي : يأرز أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها . ومنه كلام علي - رضي الله عنه - : حتى يأرز الأمر إلى غيركم . والمأرز : الملجأ . وقال زيد بن كثوة : أرز الرجل إلى منعته أي رحل إليها . وقال الضرير : الأرز أيضا أن تدخل الحية جحرها على ذنبها فآخر ما يبقى منها رأسها فيدخل بعد ، قال : وكذلك الإسلام خرج من المدينة فهو ينكص إليها حتى يكون آخره نكوصا كما كان أوله خروجا ، وإنما تأرز الحية على هذه الصفة إذا كانت خائفة ، وإذا كانت آمنة فهي تبدأ برأسها فتدخله وهذا هو الانجحار . وأرز المعيي : وقف . والآرز من الإبل : القوي الشديد . وفقار آرز : متداخل . ويقال للناقة القوية آرزة أيضا ; قال زهير يصف ناقة :


                                                          بآرزة الفقارة لم يخنها     قطاف في الركاب ولا خلاء

                                                          ، قال : الآرزة الشديدة المجتمع بعضها إلى بعض ; قال أبو منصور : أراد أنها مدمجة الفقار متداخلته وذلك أقوى لها . ويقال للقوس : إنها لذات أرز ، وأرزها صلابتها أرزت تأرز أرزا ، قال : والرمي من القوس الصلبة أبلغ في الجرح ، ومنه قيل : ناقة آرزة الفقار أي شديدة . [ ص: 86 ] وليلة آرزة : باردة ، أرزت تأرز أريزا ; قال في الأرز :


                                                          ظمآن في ريح وفي مطير     وأرز قر ليس بالقرير

                                                          ويوم أريز : شديد البرد ; عن ثعلب ، ورواه ابن الأعرابي أزيز بزايين ، وقد تقدم . والأريز : الصقيع وقوله :


                                                          وفي اتباع الظلل الأوارز

                                                          يعني الباردة . والظلل هنا : بيوت السجن . وسئل أعرابي عن ثوبين له فقال : إن وجدت الأريز لبستهما ، والأريز والحليت : شبه الثلج يقع بالأرض . وفي نوادر الأعراب : رأيت أريزته وأرائزه ترعد ، وأريزة الرجل نفسه . وأريزة القوم : عميدهم . والأرز والأرز والأرز كله ضرب من البر . الجوهري : الأرز حب ، وفيه ست لغات : أرز وأرز ، تتبع الضمة الضمة ، وأرز وأرز مثل رسل ورسل ، ورز ورنز ، وهيلعبد القيس . أبو عمرو : الأرز بالتحريك شجر الأرزن ، وقال أبو عبيدة : الأرزة ، بالتسكين ، شجر الصنوبر ، والجمع أرز . والأرز : العرعر ، وقيل : هو شجر بالشام يقال لثمره الصنوبر ; قال :


                                                          لها ربذات بالنجاء كأنها     دعائم أرز ، بينهن فروع

                                                          ، وقال أبو حنيفة : أخبرني الخبر أن الأرز ذكر الصنوبر وأنه لا يحمل شيئا ولكن يستخرج من أعجازه وعروقه الزفت ويستصبح بخشبه كما يستصبح بالشمع وليس من نبات أرض العرب ، واحدته أرزة . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل الكافر مثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها مرة واحدة . قال أبو عمرو : هي الأرزة ، بفتح الراء ، من الشجر الأرزن ونحو ذلك ، قال أبو عبيدة : والقول عندي غير ما قالا إنما هي الأرزة - بسكون الراء - ، وهي شجرة معروفة بالشام تسمى عندنا الصنوبر من أجل ثمره ، قال : وقد رأيت هذا الشجر يسمى أرزة ، ويسمى بالعراق الصنوبر ، وإنما الصنوبر ثمر الأرز فسمي الشجر صنوبرا من أجل ثمره . أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الكافر غير مرزوء في نفسه وماله وأهله وولده حتى يموت ، فشبه موته بانجعاف هذه الشجرة من أصلها حتى يلقى الله بذنوبه حامة ; وقال بعضهم : هي آرزة بوزن فاعلة ، وأنكرها أبو عبيد . وشجرة آرزة أي ثابتة في الأرض ، وقد أرزت تأرز . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : جعل الجبال للأرض عمادا وأرز فيها أوتادا أي أثبتها ، إن كانت الزاي مخففة فهي من أرزت الشجرة تأرز إذا ثبتت في الأرض ، وإن كانت مشددة فهو من أرزت الجرادة ورزت إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتلقي فيها بيضها . ورززت الشيء في الأرض رزا أثبته فيها ، قال : وحينئذ تكون الهمزة زائدة والكلمة من حروف الراء . والأرزة والأرزة جميعا : الأرزة ، وقيل : إن الأرزة إنما سميت بذلك لثباتها . وفي حديث صعصعة بن صوحان : ولم ينظر في أرز الكلام أي في حصره وجمعه والتروي فيه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية