إسلام ويب - تفسير الكشاف - سورة هود عليه السلام - تفسير قوله تعالى وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون- الجزء رقم3

وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون

لن يؤمن : إقناط من إيمانهم، وأنه كالمحال الذي لا تعلق به للتوقع، إلا من قد آمن : إلا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه، و"قد" للتوقع، وقد أصابت محزها، فلا تبتئس : فلا تحزن حزن بائس مستكين، قال [من البسيط]:

ما يقسم الله فاقبل غير مبتئس ... منه واقعد كريما ناعم البال

[ ص: 197 ] والمعنى: فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك، وإيذائك، ومعاداتك، فقد حان وقت الانتقام لك منهم، بأعيننا : في موضع الحال، بمعنى: اصنعها محفوظا، وحقيقته: ملتبسا بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وألا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه، و ووحينا : وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع، عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر"، ولا تخاطبني في الذين ظلموا : ولا تدعني في شأن قومك، واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك، إنهم مغرقون : إنهم محكوم عليهم بالإغراق، وقد وجب ذلك، وقضي به القضاء، وجف القلم، فلا سبيل إلى كفه، كقوله: يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود [هود: 76] .