الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 603 ] 26 - باب

                                قول الرجل : ( ما صلينا )

                                615 641 - حدثنا أبو نعيم : حدثنا شيبان ، عن يحيى ، قال : سمعت أبا سلمة ، قال : أنا جابر بن عبد الله ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق ، فقال : يا رسول الله ، ما كدت أصلي حتى كادت الشمس تغرب ، وذلك بعدما أفطر الصائم . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( والله ، ما صليتها ) ، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بطحان وأنا معه ، فتوضأ ثم صلى العصر بعدما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب .

                                التالي السابق


                                قد تقدم هذا الحديث في أواخر ( كتاب المواقيت ) .

                                ومقصود البخاري بتخريجه هاهنا : أن من لم يصل الصلاة حتى ذهب وقتها وهو ناس لها ، أو مشتغل عنها بعذر يبيح تأخيرها ، إذا سئل : ( هل صلى ؟ ) فله أن يقول : ( ما صليتها ) ، وله أن يحلف على ذلك ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( والله ، ما صليتها ) .

                                وكذلك إذا سئل من أخر الصلاة الحاضرة إلى أثناء وقتها : هل صلاها ؟ فله أن يقول : ( ما صليتها بعد ) ، ولا حرج في ذلك ؛ لأنه صدق ، وتأخر الصلاة في هذه الصورة كلها مباح ، فلا يضر الإخبار فيها بأنه لم يصل .

                                وقد نص على جواز ذلك أحمد ، وإسحاق - : نقله عنهما ابن منصور .

                                ويوجد من الناس من يتحرج من قوله : ( لم أصل ) ، ويقول : ( نصلي إن شاء الله ) ، والسنة وردت بخلاف ذلك .

                                وأما إن عرض عليه أن يصلي في وقتها ، وهو يريد تأخيرها ، فإنه لا [ ص: 604 ] يقول : ( لا أصلي ) ، ولكن يخبر بما قصده من التأخير المباح ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة بن زيد ليلة المزدلفة : لما قال له : الصلاة يا رسول الله . فقال له - صلى الله عليه وسلم - : ( الصلاة أمامك ) .

                                ولما خطب ابن عباس بالبصرة ، وأخر المغرب ، فقيل له : الصلاة ، وألح عليه القائل ، قال له : أتعلمنا بالسنة ؟ ثم أخبره بجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين .

                                خرجه مسلم .

                                ولما أخر ابن عمر المغرب في السفر ، وكان قد استصرخ على زوجته صفية ، قال له ابنه سالم : الصلاة . فقال [ له ] : سر ، ثم قال له : الصلاة . فقال له : سر ، حتى سار ميلين أو ثلاثة ، ثم نزل فصلى ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إذا أعجله السير .

                                خرجه البخاري ، وسيأتي في موضعه - إن شاء الله سبحانه وتعالى .



                                الخدمات العلمية