الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة السادسة الحدود : تسقط بالشبهات قال صلى الله عليه وسلم { ادرءوا الحدود بالشبهات } أخرجه ابن عدي ; في جزء له من حديث ابن عباس .

                وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة { ادفعوا الحدود ما استطعتم } .

                وأخرج الترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث عائشة " { ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإن وجدتم للمسلم مخرجا ، فخلوا سبيله ، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة } وأخرجه البيهقي عن عمر ، وعقبة بن عامر ، ومعاذ بن جبل موقوفا .

                وأخرج من حديث علي مرفوعا { ادرءوا الحدود } فقط .

                وقال مسدد في مسنده : حدثنا يحيى القطان ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي وائل [ ص: 123 ] عن ابن مسعود قال " ادرءوا الحدود بالشبهة " وهو موقوف ، حسن الإسناد . وأخرج الطبراني عنه موقوفا " ادرءوا الحدود ، والقتل عن عباد الله ما استطعتم " .

                الشبهة تسقط الحد سواء كانت في الفاعل ، كمن وطئ امرأة ظنها حليلته أو في المحل ، بأن يكون للواطئ فيها ملك أو شبهة ، كالأمة المشتركة ، والمكاتبة . وأمة ولده ومملوكته المحرم أو في الطريق بأن يكون حلالا عند قوم ، حراما عند آخرين ، كنكاح المتعة ، والنكاح بلا ولي أو بلا شهود ، وكل نكاح مختلف فيه ، وشرب الخمر للتداوي . وإن كان الأصح تحريمه ، لشبهة الخلاف .

                وكذا يسقط الحد بقذف من شهد أربعة بزناها ، وأربع أنها عذراء ، لاحتمال صدق بينة الزنا ، وأنها عذراء لم تزل بكارتها بالزنا . وسقط عنها الحد لشبهة الشهادة بالبكارة . ولا قطع بسرقة مال أصله ، وفرعه وسيده ، وأصل سيده وفرعه ، لشبهة استحقاق النفقة وسرقة ما ظنه ملكه ، أو ملك أبيه أو ابنه .

                ولو ادعى كون المسروق ملكه . سقط القطع ، نص عليه للشبهة . وهو اللص الظريف ونظيره : أن يزني بمن لا يعرف أنها زوجته . فيدعي أنها زوجته ، فلا يحد .

                ولا يقتل فاقد الطهورين بترك الصلاة متعمدا ، لأنه مختلف فيه . وكذا من مس أو لمس وصلى متعمدا وهو شافعي ، أو توضأ ولم ينو . ذكره القفال في فتاويه .

                ويسقط القصاص أيضا بالشبهة ، فلو قد ملفوفا وزعم موته ، صدق الولي ولكن تجب الدية دون القصاص للشبهة ولو قتل الحر المسلم : من لا يدرى أمسلم أو كافر ؟ وحر أو عبد ؟ فلا قصاص للشبهة نقله في أصل الروضة ، عن البحر .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية