الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء من كم تؤتى الجمعة

                                                                                                          501 حدثنا عبد بن حميد ومحمد بن مدويه قالا حدثنا الفضل بن دكين حدثنا إسرائيل عن ثوير عن رجل من أهل قباء عن أبيه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشهد الجمعة من قباء وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ولا يصح قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الجمعة على من آواه الليل إلى أهله وهذا حديث إسناده ضعيف إنما يروى من حديث معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد المقبري وضعف يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن سعيد المقبري في الحديث فقال واختلف أهل العلم على من تجب الجمعة قال بعضهم تجب الجمعة على من آواه الليل إلى منزله وقال بعضهم لا تجب الجمعة إلا على من سمع النداء وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق سمعت أحمد بن الحسن يقول كنا عند أحمد بن حنبل فذكروا على من تجب الجمعة فلم يذكر أحمد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قال أحمد بن الحسن فقلت لأحمد بن حنبل فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت نعم قال أحمد بن الحسن حدثنا حجاج بن نصير حدثنا معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجمعة على من آواه الليل إلى أهله قال فغضب علي أحمد بن حنبل وقال لي استغفر ربك استغفر ربك قال أبو عيسى إنما فعل أحمد بن حنبل هذا لأنه لم يعد هذا الحديث شيئا وضعفه لحال إسناده

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء من كم يؤتى إلى الجمعة ) أي من كم مسافة يؤتى إليها

                                                                                                          [ ص: 13 ] قوله : ( ومحمد بن مدويه ) بفتح الميم وتشديد الدال المهملة قال في التقريب : محمد بن أحمد بن الحسين بن مدويه بميم وتثقيل القرشي صدوق من الحادية عشرة ، ( حدثنا الفضل بن دكين ) بضم الدال وفتح الكاف ( عن ثوير ) مصغرا ابن أبي فاختة سعيد بن علاقة الكوفي ، أبو الجهم ضعيف رمي بالرفض مقبول من الرابعة . كذا في التقريب ، وقال الذهبي في الميزان : قال الدارقطني : متروك ، وروى أبو صفوان الثقفي عن الثوري قال : ثوير ركن من أركان الكذب ، وقال خ : تركه يحيى وابن مهدي ( عن رجل من أهل قباء ) هذا الرجل مجهول لا يعرف اسمه ( أن نشهد الجمعة من قباء ) بضم قاف وخفة موحدة مع مد وقصر موضع بميلين أو ثلاثة من المدينة .

                                                                                                          قوله : ( ولا يصح في هذا الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء ) أما حديث الباب فهو ضعيف من وجهين ؛ لأن في سنده ثوير بن فاختة وهو ضعيف كما عرفت ، ولأنه يروى عن رجل من أهل قباء وهو مجهول ، وروى ابن ماجه عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال : إن أهل قباء كانوا يجمعون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة ، وفي سنده عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف ، وقد ثبت أن أهل العوالي يصلون الجمعة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح ، وفي التلخيص الحبير روى البيهقي أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون بالمدينة قال : ولم ينقل أنه أذن لأحد في إقامة الجمعة في شيء من مساجد المدينة ولا في القرى التي بقربها ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( آواه الليل إلى أهله ) في النهاية : يقال : أويت إلى المنزل وآويت غيري وأويته ، وفي الحديث : من المتعدي ؟ قال : المظهر ؛ أي : الجمعة واجبة على من كان بين وطنه وبين الموضع الذي يصلي فيه الجمعة مسافة يمكنه الرجوع بعد أداء الجمعة إلى وطنه قبل الليل ، كذا في المرقاة .

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث ما لفظه : والمعنى أنها تجب على من يمكنه الرجوع إلى [ ص: 14 ] أهله قبل دخول الليل ، واستشكل بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار وهو بخلاف الآية ، انتهى .

                                                                                                          ( هذا حديث إسناده ضعيف ) ، وروى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال : إنما الغسل على من يجب عليه الجمعة ، والجمعة على من بات أهله ، قال الحافظ : معنى قوله : والجمعة على من بات أهله أن الجمعة تجب عنده على من يمكنه الرجوع إلى موضعه قبل دخول الليل ، فمن كان فوق هذه المسافة لا تجب عليه عنده .

                                                                                                          قوله : ( من حديث معارك بن عباد ) في التقريب : معارك بضم أوله ، وآخره كاف ، ابن عباد أو ابن عبد الله العبدي بصري ضعيف من السابعة ، انتهى . وقال الذهبي في الميزان : قال البخاري : منكر الحديث .

                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله بن سعيد المقبري ) قال الحافظ في التقريب : متروك .

                                                                                                          قوله : ( قال بعضهم : تجب الجمعة على منآواه الليل إلى منزله ) ، وهو قول عبد الله بن عمر وأبي هريرة وأنس والحسن وعطاء ونافع وعكرمة والحكم والأوزاعي ؛ قالوا : إنها تجب على من يئويه الليل إلى أهله ، واستدلوا بحديث أبي هريرة المذكور قال العراقي : إنه غير صحيح فلا حجة فيه ، كذا في النيل .

                                                                                                          قوله : ( وقال بعضهم : لا تجب الجمعة إلا على من سمع النداء ) ، واستدلوا بما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : الجمعة على كل من سمع النداء . قال أبو داود : وروى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورا على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق ) وحكاه ابن العربي عن مالك . وروى ذلك عن عبد الله بن عمرو راوي الحديث المذكور في النيل . قلت : ظاهر حديث عبد الله بن عمرو [ ص: 15 ] المذكور يدل على عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء : سواء كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة ، أو في خارجه ، لكن قال الحافظ في فتح الباري : والذي ذهب إليه الجمهور أنها تجب على من سمع النداء أو كان في قوة السامع سواء كان داخل البلد أو خارجه ، انتهى .

                                                                                                          وقد حكى العراقي في شرح الترمذي عن الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل أنهم يوجبون الجمعة على أهل مصر وإن لم يسمعوا النداء ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( سمعت أحمد بن الحسن ) هذا قول الترمذي ، وأحمد بن الحسنهذا هو أحمد بن الحسن بن جنيدب الترمذي أبو الحسن الحافظ الجوال كان من تلامذة أحمد بن حنبل ، روى عنه البخاري والترمذي وابن خزيمة ، وكان أحد أوعية الحديث ، مات سنة 260 ستين ومائتين ، كذا في الخلاصة وغيره .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا الحجاج بن نصير ) بضم النون الفساطيطي التنيسي أبو محمد البصري ضعيف ، كان يقبل التلقين من التاسعة ، كذا في التقريب وقائل : حدثنا الحجاج بن نصير هو أحمد بن الحسن لا الترمذي ، وكذا قائل قوله : فغضب علي ؛ هو أحمد بن الحسن .

                                                                                                          قوله : ( استغفر ربك ) بصيغه الأمر ، والتكرار للتأكيد أي : استغفر ربك يا أحمدبن الحسن من رواية هذا الحديث فإنه ضعيف ؛ لأن في سنده ثلاثة ضعفاء : الأول : الحجاج بن نصير وهو ضعيف ، والثاني : معارك وهو أيضا ضعيف ، والثالث : عبد الله بن سعيد المقبري وهو أيضا ضعيف .

                                                                                                          قوله : ( وإنما فعل به أحمد إلخ ) هذا قول الترمذي .

                                                                                                          [ ص: 16 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية