الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
ولكن نذكر جوابا عاما فنقول: كونه فوق العرش ثبت بالشرع المتواتر وإجماع سلف الأمة مع دلالة العقل ضرورة ونظرا أنه خارج العالم، فلا يخلو مع ذلك: إما أن يلزم أن يكون مماسا أو مباينا، أو لا يلزم. فإن لزم أحدهما كان ذلك لازما للحق، ولازم الحق حق، وليس في مماسته للعرش ونحوه محذور كما في مماسته لكل مخلوق من النجاسات والشياطين وغير ذلك؛ فإن تنزيهه عن ذلك إنما أثبتناه لوجوب بعد الأشياء عنه، ولكونها ملعونة مطرودة، لم نثبته لاستحالة المماسة عليه، وتلك الأدلة منتفية في مماسته للعرش ونحوه، كما روي في مس آدم وغيره، وهذا جواب جمهور أهل الحديث وكثير من أهل الكلام. وإن لم يلزم من كونه فوق العرش أن يكون مماسا أو مباينا فقد اندفع السؤال.

فهذا الجواب هنا قاطع من غير حاجة إلى تغيير القول الصحيح في هذا المقام، وبين من قال: إنه فوق العرش، ليس [ ص: 128 ] بمباين له ولا مماس كما يقوله من الكلابية والأشعرية من يقول، ومن اتبعهم من أهل الفقه والحديث والتصوف والحنبلية وغيرهم. إن كان قولهم حقا فلا كلام، وإن كان باطلا (فليس ظهور بطلانه موجودا قائما بنفسه، مع وجود قائم بنفسه أنه فيه ليس بمماس ولا مباين له، وأنه ليس هو فيه ولا هو خارجا عنه).

التالي السابق


الخدمات العلمية